عندما يتسلل الغريب!
أحداث كثيرة تدور سنريوهاتها داخل الكلية والحي الجامعي، وقائع تبدو تافهة بلا معنى بالنسبة لكم الغير القاطنين وأخرى يمكن أن تؤدي إلى مجازر لولى رباطة الجأش وحسن التعامل بين الطلبة والتفاهم بينهم لفض النزاع.
صباحا، مساءا، دون توقف كأنها تسابق الزمن، تفرض سنة النشر أحيانا كتابة البعض منها كي نشرك المقبلين على الجامعة أحداثها، البشعة-الجميلة رغم قلتها، تارة، وتارة أخرى لنبش ذاكرة السابقين إليها ليتسنى لهم استرجاع الماضي ببطولاته و إخفاقاته، حتى وإن كانوا شياطين أو ملائكة تلك المرحلة فربما يجد البعض ضالته في مثل هذه الكتابات.
يقال والعهدة على الذين شاب رأسهم وساست أسنانهم أنه من لم يعش أجواء الكلية والحي الجامعي فحياته الدراسية لا تساوي جناح بعوضة، أما أحداث أخرى تكتب في المذكرات وحدها نظرا لدرجة خطورتها من جهة وتفاهتها لأنها تنقص من قيمة الطالب الحقيقي من جهة أخرى، تكدس في الذاكرة كوصمة عار ونأبى عن ذكرها حتى نشيخ.
كما أشرت سابقا في إحدى التدوينات الفيسبوكية بأن الأجواء متوترة ومشحونة تنظر قط سبب بسيط لتفيض، شاءت الأقدار مساء أمس أن تعلن حالة الطوارئ بين طلبة مدينتين، لبى من تجري في عروقه دم “الكلاخ” المبين النداء، بسرعة جنونية اجتمع الكل مسلحا مستعدا لهدر الدماء، الأرجل لم تعد تثنى فالسيوف مشدودة إليها وسبب المعركة كالعادة طالبة.
معانا هنا شخص في الحي العلاقة التي تجمعنا به هي بيع السجائر للطلبة، جاء من بلاد بعيدة كما يحكي المحيطين به، يأكل في المطعم وينام وسط الطلبة، يحزن لأحزننا ويفرح لأفراحنا، مساء أمس صات الريح في أذنيه لما جمع ما تبقى من سجائره لمح طالب وطالبة في الطريق المؤدي إلى شارع الطالبة تعرض للاثنين معا مطالبا رقم هاتف الفتاة، أجابه الذي يرافقها أنها أخته لذا من الجيد أن يفسح الطريق لهم، فرفض، متشبثا برأيه ألا وهو الدردشة معها، وبما أن دم الأخوة فوق كل اعتبار تناطح معا إلى أن تدخل أهل الصلاح، وما أكثرهم هنا، المعركة لم تتوقف بعد، أخ الطالبة اتصل بأصدقائه السبع فخرجوا مسلحين انتقاما لشرفة ابنة مدينتهم، أشبعوه ضربا بما تيسر من الأسلحة لكن دون دماء.
رسول الأخبار السيئة لا يتعثر مهما حدث، علم الجميع بالواقعة التي لم تمر عليها دقائق معدودة، بجانب مطعم الحي شكلت فرقتين، وسط كل دائرة تمت هناك من يقر الأوامر ويرسم الخطة، أجزم وأنا أتابع المسلسل أنني لو رميت بحجرة صغيرة على احد المجمعين لمات الكثير، فالمشاهد لكل ما حدث ومن يقطن في الحي وحده من يستطيع فهم نفسية الطلبة في تلك اللحظة بالذات وما قد يحدث إن اشتعل الفريقين.
بقى الحال على ما هو عليه إلى أن اجتمع قادة الفريقين أخبروا أهل الطالبة أن الذي تحرش بها نتبرأ منه وليست لنا به أية علاقة، إن كرر فعلته اصنعوا به ما يحلو لكم، لما اتفق القادة عاد انصرف كل واحد لحاله وفي منتصف الليل ختمها أحدهم بشرب ما تيسر من “الماحيا” ولم يترك شخص دون شتمه وسبه، ابتدءا من الحراس مرورا بالعاملين بالمطعم والإدارة وصول إلى آخر طالب، ظلت حفلة سخطه مستمرة إلى الثالثة صباحا أما نهايتها فهي بداية لقصة جديدة.
إنني لست متأسفا لما يحدث حاليا لكن قلقي الأكبر هو عندما يصرح البغدادي ذات يوم بأن سبب اشتعال الحروب في الشرق الأوسط هو مؤخرة ما.