في زاكورة … مواطنون
أعيد نشر هذا المقال نزولا عند رغبة رفاق لي أحبوا كتاباتي قبل أن يعرفوا من أكون، فغدوا بعد ذلك أريج يزيين الحياة ولا تحلوا إلا بهم وبرفقتهم، تقاسمت معهم معاناتي وأحزان كتبتها أناملي بلهفة شديدة. فكتبت واطلعوا فكانوا سندا وصدرا حنونا لي ومنهم من لم تسمح الظروف لنلتقيهم وجها لوجه.
حتى الآن نلتزم في تناول قضايا مدينتنا المهمشة من كل النواحي بالتحليل المبسط المبني على ظواهر الأمور. مبتعدين عن كل الخبايا السياسية والخروقات الغير المكشوفة للجميع ليس خوفا و لا جهلا ولكن رغبة في إشراك الشريحة الواسعة من شعب زاكورة في النقاش وتقاسم الأفكار. لكننا سنكون أكثر سياسة وسيكون خطابا أكثر حدة. لن نبقي ذلك الإنسان الزاكوري الذي ينعت ب “الله يعمرها دار” بمعني أنه يسمح في حقه و يستحيى أن يظهر الحقيقة في كثير من الأحيان .
لم يعد أمام شباب زاكورة خيار أمام الانخراط الفعلي في الإعلام البديل خصوصا في ظل التهميش والحيف والإقصاء الذي مارسته وتمارسه السلطة المغربية على مدينة زاكورة السياحية بشهادتهم، والمهمشة بشهادة الواقع. وفضح العشوائية التي يعرفها الإقليم في التسيير. علهم يضفروا بقليل من المحاسبة والرقابة التي ألف المسؤولون في بلادنا ليقوموا بمسؤولياتهم. كم من سيارة إسعاف غابت حين احتاجها الساكنة، كم من أسرة لا تعرف معني الماء الصالح للشرب، كم عدد الأطفال الذين لا يعلمون للمدرسة طريق، إما فقرا وهو الغالب أحيانا أو جهل الآباء. كم من أسرة عزلتها ساعات من الأمطار عن العالم، كم من مستشفى مغلق في وجه المواطنين، كم من مشروع متوقف بعدما استنزف أموال دافعي الضرائب، كم وكم من أغراض الساكنة وحقوقهم ضيعت وكان السبب دائما غياب المسؤولية وغياب دور المؤسسات، أو غياب الحس الوطني.
عن أي دولة مغربية نتحدث في إعلامنا وقانوننا أتكون دولة شاسعة بحدودها الجغرافية وصغيرة جدا إدا ما تحدثنا عن الحق في العيش الكريم وعن أي تنمية يتكلم سياسيوا البلد أم أننا هنا في زاكورة مستثنون من خطاباتهم ومن مشاريعهم ولا ننتمي لوطنهم كلنا نحب الوطن وكلنا يحفظ النشيد الوطني ولكن كم هو مقدار حب الوطن لنا كيف يحبنا الوطن وهولا يعرف شيئا عن تطبيبنا وعن عطشنا وعن بطالتنا. أي حب هذا الذي لا يعلم المحبوب عن المحب شيئا، لتحضرنا العبارة التي طالما استفزتنا وجعلتنا غرباء في أوطاننا، نعم يا سادة نحن مواطنون من الدرجة الثانية علينا ما على غيرنا من واجبات الإذعان و الاحترام والولاء ودفع الضرائب وليس لنا ما لهم من حقوق وامتيازات في وطنا نتشارك كلنا العيش فيه. إن السؤال هنا بسيط جدا لدرجة يكفي طرحه على أي كان ليجيبك من واقعه المعاش : أي مدينة هي الأكثر تهميشا في المغرب. ستكون الإجابة التلقائية هي زاكورة هذا إذا كان يعلم بوجودها. حتى بات العيش في زاكورة من العجائب والتحديات التي من الصعب تصديقها. وباتت هذه المدينة منفى وسجن مفتوحا بل وحكم تعاقب الداخلية أعوانها على أخطاءهم وتجبرهم على قضاء أشهرا وسنوات من الخدمة فيها وفي البلدات المجاورة لها.
يا معشر سكان هذه الأرض –زاكورة- هذه أرضكم فازرعوا نخلا كثيفا وبعض الخضر، هذه أرضكم بكر بين أيديكم صونوا كرامتها واتعبوا من أجلها ولأجلها. أو اتركوها واتركوا حقها وثروتها وليمة تتقاسمها أيادي طويلة في السر والعلن. لا شيء تغير مند عام، سوى أن جرعات الجهل والإقصاء زادت عن حدها فلا شغل يخمد نار تتأجج مع كل صباح في صدور الشباب والآباء. ولا تنمية بشرية سواء مستدامة أو غير مستدامة. كل شيء تغير إلا اهتمام سياسة البلاد بزاكورة ومواطني زاكورة لم تتغير. كل الأماني أن يكون الوطن واحد والمواطنون في درجة واحدة.