” لحبيبة أمي” ماذا يفعل الأبناء بوالديهم؟؟
وأنا أشاهد بعض البرامج التي تبث في إعلامنا هذا أثار انتباهي إحدى حلقات البرنامج الاجتماعي الذي يعرض كل اثنين يحمل عنوان “لحبيبة أمي”، هم أباء وأمهات أفنوا زهرة حياتهم من أجل السهر على تربيتنا لكن سرعان ما وجوا أنفسهم بين جدران مسيجة؛ إنها دور العجزة أو كما يحلو تسميتها بدار المسنين. إنه لمن دواعي تأليفي لهذا المقال حول ماذا يفعل الأبناء بوالديهم بعدما ضحوا بالغالي والنفيس من أجلنا.
تظل الأم تتعب وتتألم وتحمل وتسقي أطفالها من حنانها سنة تلوى الأخرى، وتكد وتجتهد من أجلهم وتسهر عند مرضهم وترعاهم عند تعبهم، وفي أوقات دراستهم تسهر على راحتهم وتتكبد عناء الرعاية في فترة المراهقة وما تحمله هذه الفترة من أفعال جنونية تسيطر هي عليها بحكمتها وعقلها. وتقوم على رعاية أطفالها حتي يدرسوا ويتخرج بعضهم ويبحث الابن عن فتاة للزواج بها وتنتظر الابنة عريسها وتكون وراءهم لا تفارقهم لحظة واحدة حتى يتم زواجهم ويستقر كل منهم في بيته.
ثم يظل الأب يتعب ويتحمل مشقة لا يتحملها شخص أخر من أجل إسعاد أبنائه وتوفير سبل الراحة لهم، وتوفير ما يحتاجونه من مال لظروف حياتهم ومعيشتهم، وعندما يكبر أبناءه يساعد ابنه عند الزواج ويقوم أيضا بتجهيز ابنته لعريسها على أكمل وجه، ثم لا تجد الأم مأوى لها لا في بيت أبنائها ولا في بيت أي من بناتها لأن الأبناء زوجاتهم ترفضن استضافتها في بيوتهن، والبنات أزوجهن يرفضوا وجودها وكذلك الأب الذي يحتاج إلى رعايته في شيخوخته أو مرضه، ناسين كل التعب والدور الذي قاموا به على أكمل وجه معهم وأنهم هم السبب فيما وصلوا إليه ناسين الحب والحنان والرعاية ووضعوا مكانهم القسوة والعنف والجفاء وأرجعوا تعبهم وجهدهم إلى نكران الذات، ناسين وجود الله عز وجل الذي جعل كل شيء كما تدين تدان.
هكذا إذن وظيفة الوالدين في الحياة وسيأتي علينا الدور ونكون مثلهم ـ الله سمح لنا منهم ـ ولا يجدا الأب والأم مأوى لهم إلا في مكان أبغضه كثير هو ” دار المسنين” أو دار العجزة، ويضلوا فيها حتى تأتي ساعتهم الأخيرة ولا أحد يعرف عنهم شيء إلا بعض العمليات الإنسانية القليلة التي تدفع بها بعض الجمعيات الخيرية و ما تقدمه أيادي المحسنين، هذا ما يدفعنا إلى التساؤل ولو أن كلنا مسؤولون بدءا من الأبناء مرورا بالمجتمع و الدولة. هل غابت فينا ثقافة البر بالوالدين؟ ما الدافع الذي يحدوا ببعض الأبناء إلى ترك أباءهم بين ضفاف وسياج هذه الدور؟. ما حدود تدخل المجتمع المدني للحد من هذه الظاهرة التي بدأت تنخر كياننا وجداننا؟ أليس هذا كله نتيجة غياب رؤية شمولية للدولة في مخططاتها الاجتماعية والاقتصادية؟.
مقال مفيد للغاية ومبعث في النفس الجد في بر الوالدين جزيت حبيبي