تونا نعرابن وأزمة النقل المدرسي

إن الدولة المغربية في عهدها القديم والجديد لازالت قائمة على السياسة الإستعمارية التي تركت فرنسا جدورها لتتجدر في ودواليب الدولة المغربية المتمثلة في مغرب نافع وآخر غير نافع فالأول نال حقه ولازال يناله من خلال مشاريع كبرى تفوق بكثير وزن التسمية ،وتعيش ساكنته في رفاهية،و ظروف ملائمة تواكب التطور، الذي يشهده العالم ،في المقابل يبقى المغرب غير النافع يعاني أزمات خانقة من تهميش وإقصاء خطيرفي ظل استمرار استنزاف ثرواته المعدنية .دون رحمة كرد للجميل لساكنته المحرمة من حقها في الإستفادة من الثروة المعدنية التي يحتضنها المغرب غير النافع حسب ما يدعون .وإذا كان المغرب يظهر وجها ناصعا وجميل لدول الشمال وكذادول الجنوب عبر تسويق مفاهيم ومصطلحات وازنة،من قبيل ،مغرب العهد الجديد ، مغرب القرن الواحد والعشرين ومغرب الديمقراطية السوقية،فإن وجهه الحقيقي لا يراه إلا من يسكنه ويعيش في مداشيره وجباله وعلى صحاريه و على جل إيقاعات التهميش وإقصاء حاد يصل حد العنصرية أحيانا وإن جاز القول فهو سائر المفعول .وإذا كانت جل المواثيق الأممية تعطي الأولوية لحقوق البشرية والعيش الكريم للجميع دون استثناء ولا تميز،فإن المغرب إلى عهد القرن الواحد والعشرين لازال قائم على عدم تكافؤ الحقوق بين مناطقه واستمرار في ترسيخ بنود ومعاهدات وقعت على ظهر الشعب التي لا زال يؤدي ثمنها إلى حد اليوم؛وإن كانت الشعارات التي تتبجح بها المملكة المغربية في إعلامها الرسمي من استثنائية المغرب فإننا نؤكد هذا الطرح من جانبه السلبي والوجيه من إقصاء وتهميش ممنهج للعديد من مناطقه ونخص في هذا المقال وكالعادة الجنوب الشرقي وبالتحديد دوار تونا نعرابن التابع لجماعة تفتشنا إقليم زاكورة ،جهة درعة تافيلالت وهو الدوار الوحيد الذي ينتمي إلى الجماعة نفسها ؛ما جعلنا نطرح تساؤولات عديدة ،كيف لجماعة ترابية لا ينتمي اليها إلا دوارين تفتشنا وتونانعرابن ) لا ثالث لهما أن لا تلبي حاجيات الساكنة؟.واين تصرف المزانيات السنوية المخصصة للجماعة .واين تصرف مداخليها؟؟.فقد قمنا بزيارة إلى المنطقة في إطار بحث ميداني .والتقينا بأحد شباب الدوار (الحسين افعداس )وبصفته فاعل جمعوي يشتغل رئيس جمعية في الدوار وفي نفس الوقت هو سائق حافلة النقل المدرسي لتلاميذة الدوار من والى تفتشنا حيث الإعدادية التي يتابعون فيها دراستهم بعد قطع حوالي ثلاثون كلمتر دهبا وايابا كل يوم، وعلى طريق غير معبدة وغير آمنة ؛بحيث يتم إيصال التلاميذ في حدود الساعات الأولى صباحا ولا عودة حتى الغروب وفي بعض الأحيان الى أن يحل الليل ،بعد ان يقضي التلاميذ الوقت الزوالي(12h/14g) في مداشير المدرسة، وعلى جنباتها في ظل غياب مركز يأويهم ،وفي ظل استمرار اغلاق المركز الوحيد الموجود في وجههم و الذي بني مند سنة 2007 (الصورة اسفله ) دون معرفة الأسباب التي جعلت الجهات المسؤولة من جماعة والمندوبية الإقليمية للتعليم لا تتحمل مسؤوليتها تجاه هؤلاء التلاميذ من المتجلية في فتح أبواب المركز في وجه التلاميذ ،لتبقى بنيان مرصوص الى أجل غير مسمى .فكيف لتلميذ (ة ) يقضي جل وقته خارج أسوار المدرسة وبعيد عن منزله ،ويقطع مسافة ثلاثون كلمتر على حافلة مهترئة وخالية من مستلزمات الراحة أن يتابع دراسته و يجتهد في تحصيل العلم في ظل هذه الظروف المزرية. ، ويرجع السبب حسب تصريح سائق الحافلة إلى المزانية المحتشمة التي تخصصها الجهة المانحة( NDH) و التي لا تتعدى عشرون الف درهم سنويا، والتي تدخل فيها جل مصاريف النقل والتنقل للحافلة من بنزين وإصلاح .فإن حاولنا القيام بعملية بسيطة حول المبلغ سنجده لا يكفي لسد حاجيات البنزين .هذا ما دفع بجمعية الدوار إلى خلق شراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أجل التقليل من المعاناة اليومية للتلاميذ، إلا أن الأمر زاد سوءا؛ لأن الجمعية هي الأخرى تحتاج إلى من يتضامن معها وإلى يد عون ؛لأن مداخليها مصدرها الوحيد جيوب الساكنة الذين يساهمون في توفير النقل لأبنائهم آملين في مستقبل مشرق،لخلق الإبتسامة على وجههم ،لكن ما بيد حلة في غياب أي دعم مادي من طرف الدولة والجهات المسؤولة. ليبقى التعليم المغربي وخاصة في الجنوب الشرقي في الحضيض سنة بعد أخرى إلى أن نصلي عليه صلاة الجنازة الأخيرة راكعين فيها.وفي هذا الصدد أكد رئيس الجمعية (ح،اف )أن الأمر لا يبشر خيرا إن استمر الأمر على حاله حيث المعاناة وغياب الإمكانيات الكافية تحد من استمرار التلاميذ في متابعة دراستهم ؛ في ظل غياب شروط التمدرس في المستوى الإعدادي بعد ان مروا على حافة الطريق في المرحلة الإبتدائية وكلهم امل وتفاؤل أن يكون الطريق إلى الثانوية أفضل مما عليه في المراحل الدراسية السابقة ( الإبتدائي؛ والإعدادي) ،ويبقى أبائهم وأولياء أمورهم في حيرة من أمرهم وخوف مستمر على المستقبل الدراسي لأبنائهم.