تدوينة زرقاء:الراشيدي يكتب عن تلاميذ يخربون المدرسة احتجاجا على صعوبة الامتحانات

الكاتب عبد العزيز الراشيدي

0 912

الصوّر التي نقلتها وسائل الاعلام لشباب يخرّبون المدرسة احتجاجا على تطبيق القانون وعلى الاجراءات الصارمة أثناء الامتحان، تعكس رؤية التلميذ للقانون وتطبيقه وتعكس حجم الايمان بالقانون والانضباط التام له من منظور أبناء القرن الجديد. إن التلميذ جزء من المجتمع الخاسر، والتلميذ لم يعد ذلك الوعاء الذي نشحنه بالمعارف لنصنع منه النموذج الذي نحتاج ونريد فيستكين. لقد أصبح ملتقى لتيارات عديدة ورؤى ومواقف يصنعها من ملاحظاته الخاصة ويبني بها مواقفه وتقييمه للأوضاع لأن المعلومة أصبحت متاحة له بشكل يومي وسهل عبر كل الوسائل. إن أغلب التلاميذ يؤمنون بأن المجتمع فاسد وتطغى عليه الحكرة والمحسوبية، ويعتقدون بأن الأبواب مغلقة، وأن نظام التقييم غير سليم بسبب الكوطا التي تحكم البكالوريا وبسبب الفرص المحدودة التي أصبح يتيحها نظام البكالوريا الحرة وبسبب النظام التعليمي الذي نجلده صباح مساء، كما يؤمنون بأنهم لن يحصلوا على حياة كريمة خارج هذه الشهادة، لأن الحصول على البكالوريا تقود إلى الجامعة وإلى المدارس العليا مما يجعل التلميذ -على الأقل- يتحصّن في وضعيته لسنوات قادمة بدل أن يخرج ليواجه وحش الشارع الذي لا يرحم، وهو شارع قوامه الحكرة والضغط والقهر وصراع الجبابرة.
لقد تطور المجتمع كثيرا وأصبح يفهم اللعبة، لكن آليات التدبير السياسي والاجتماعي والمعرفي لم تتغيّر، بل يتمّ تدويرها ومحاولة خلقها (وخنقها) على مستويات السياسة والمجتمع والاعلام والمدرسة، مما يجعل المواطن (وخصوصا التلميذ) غريبا عن مجتمعه، ويجعله يصنع أنموذجا مختلفا (في ذهنه) لما ينبغي أن يكون، وستتعدد قريبا نماذج الخروج على المؤسسة بشتى أشكالها إذا لم يتمّ تهوية أركان الغرفة المغلقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.