تدوينة زرقاء : تشرق شمس الحسيمة كما أفلت بالأمس دون جديد تحتها
الاستاذ : محمد الحفيضي
تشرق شمس الحسيمة كما أفلت بالأمس دون جديد تحتها،ترتفع الحناجر بالصراخ و المطالبة بحقوق بسيطة لا تساوي عند الله جناح بعوضة،و دونها هراوات البوليس و المخازنية ليقول لنا المخزن الكبير و العميق بأنني لن أتنازل عن سياسات الاحسان و لن أمنحكم شيئا بالنضال حتى لا يعتقد الآخرون بأن تعميمه قد يجعلهم هم الآخرون يفتحون أفواههم بعيدا عن عيادات أطباء الأسنان. أدوات القمع التي يسخرها النظام النيوليبيرالي شباب لم ينجحوا في دراساتهم و تكسرت طموحاتهم على جراف الفقر فقرروا أن يتحولوا الى هراوات تشج الرؤوس،أغلبهم تركوا في بلداتهم و قراهم أمهات يعانين ألم المفاصل و آباء أنهكهم السكري و القصور الكلوي جراء شربهم مياه غير صحية، يعاقبون جماهير تنادي بنفس المطالب التي هم في أمس الحاجة اليها في دواويرهم و مداشرهم، و لأنهم حرموا من تمضية العيد بين أهليهم فقد اعتقدوا – و يا لبلادتهم- بأن الحراك هو السبب،فأبلوا البلاء الحسن و عبأوا قلوبهم بالحقد و الكراهية و انهالوا على الكل خبطا و تنكيلا.
تتحول أرصفة و أزقة الحسيمة كل يوم الى ساحات وغى بين فرقتين كلتيهما في المستنقع،و المخزن التمساح يتفرج في شاشة عملاقة على الكر و الفر و يضحك كلما رأى دما مسفوحا،لأن البلاد لازالت بخير مادام فقراؤها يتطاحنون بكل ذلك العنف المفرط،و لكي تظهر له الصورة بجلاء،كان مرة مرة يعب كأس ويسكي لا يقل ثمنه عن أجرة ذلك الأمني صاحب الهراوة.
رجال الأمن أو القمع،كل حسب تعبيره،يسبون المتظاهرين بكلام نابي،و الآخرون يتهمونهم بأنهم أبناء الخيريات،و الشعب كله كأنه في خيرية على امتداد جغرافيته،مجرد رعايا يتسلمون الصدقات و يتوهمون بأنهم في وطن الاستثناء.
ما يحدث في الحسيمة جريمة مكتملة الأركان،أبشع مما يحدث في فينزويلا،حينما تتحول فرحة العيد الى مأتم،حينما يتبادل الناس الدعوات بالفرج و الشفاء بدل التبريكات،يحق لنا أن نخاف على وطن نحبه بصدق،و يسعى المخزن الدموي لاغراقه في الوحل.
مقابل كل ذلك الهجوم الوحشي و الجبان سينال عبد الوافي لفتيت و الحموشي و اليعقوبي و العثماني و…….. الكثير من الاشادة و أراضي الدولة بأثمنة رمزية لأنهم خدام الدولة،و سيعود ذلك المخزني و البوليسي الى قريته صغيرا حاملا ربطة من اللفت. العقل اللبيب وحده يعرف لماذا يصلح اللفت وقت الفراغ.