مؤسستنا التعليمة والإطارات الفارغة إلى متى؟

0 737

 

بقلم:الحبيب عكي

ما أصعب أن يجد الإنسان نفسه في مؤسسة هو مجبر على أن يمنحها قلبه وإن كرهتها روحه،ومجبر على أن يقضي فيها زهرة حياته ويحقق فيها حلمه المهني و هو لا يرى فيها كثير ما يشجعه على ذلك؟؟.وأصعب منه أن يصورها له بعض الزملاء الإداريين وبعض المسؤولين على أنها..وأنها..وأنها،مدعين في ذلك ومعتقدين على أن الموظف في مؤسسته  هو كل شيء ويستطيع تعويض كل شيء؟؟.و أصعب من كل هذا وذاك أن تكون الأمور في حقيقتها خارج هذا وذاك ويكتشف الطرفان و يستفيقا ويستيقظا ويدركا ويستيقنا أنهما مجرد قطاع غيار متعدد الاستعمالات محدود الصلاحيات في نظام ليس بأيديهما لا تركيبه ولا تحريكه ولا مقوده ولا..ولا..ولا…،فبالأحرى قطاره وسائقه وركابه او وجهته وسرعته و مردوديته..،مما يجعل كل مساره المهني مسارا تراجيديا على حد قولهم:”أوله قنديل..وأوسطه منديل..وآخره زنبيل”؟؟.
ما أكثر الأقوال الفارغة والشبه الفارغة في حق مدرستنا إلى درجة يتمنى المرء فقط لو يصدق قائليها وجهاتها الرسمية ويجد فيها شيئا مما يقولون فيفرح،وكيف لا يفرح المرء وهو في مؤسسة يقال عنها بكل تأكيد أنها:
  • مؤسسة نموذجية:
من حيث مكان التواجد ومدى قربه من المستفيدين والعاملين،ومن حيث عدد القاعات الكافية والملاعب الرياضية والفضاءات الموازية،والمرافق والساحات الخضراء والوسائل التعليمية والتجهيزات المختبرية ومحضريها،وعدد العاملين وأجواء العمل،وكل ذلك بمقاييس معيارية و داخل صور و حارس يحفظان للمؤسسة حرمتها،فكم هي نسبة المحظوظين الذين يشتغلون في مؤسسة نموذجية بهذه المواصفات؟؟.
  • مدرسة الحيـــاة:
الحياة المدرسية التي تحترم الغلاف الزمني للدراسة بداية وعطلا ونهاية،وتحترم العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين المؤسسة والعاملين والشركاء،فإذا بالأنشطة الموازية فيها منتعشة وإذا بالانتاجات الفنية والانجازات الرياضية مسترسلة،وإذا بالطاقم الإداري والتربوي في تناغم وتكامل تام وتدبير تشاركي حقيقي،وإذا بالمؤسسة يتشوق إلى ولوجها الجميع لا كما هو الحال اليوم حيث أصبح مقام العديدين فيها مقام ساعات في الجحيم؟؟.
  • مدرسة الأنشطة الموازية:
بأهميتها وتنوعها وأنديتها وهي أهم ما يكسر الروتين والاحتقان الذي يؤسس للتوتر والعنف المتبادل،وهي ما يخلق نوعا من الحميمية بين الأساتذة والتلاميذ ويساعد الجميع على تفجير الطاقات وتنمية المواهب وتحقيق الشخصية وتعلم الحياة العامة من خلال الإطلالة العملية على مختلف مجالاتها في أنشطة المسرح والموسيقى والتعبير والتواصل والرحلات والمسابقات والمقاولات والمقابلات،وإن كان كل هذا من باب التطوع وعدم تخصص المؤطرين فيه وكأنه مهم ولكن فقط بالتطوع؟؟.
  • مدرسة النجاح:
والنجاح في كل المستويات وبأي ثمن فالهاجس الاقتصادي لا يرحم والخريطة المدرسية كثر الله خيرها،ثم لماذا سينجح أهل التعليم الخصوصي ولا ينجح أهل التعليم العمومي،النجاح مضمون للجميع وبجميع المعدلات والعتبات وتبسيط الامتحانات والسخاء في النقط الكتابية والمزاجية في الشفوية،وبالتوجيه إلى التكوين المهني وبإرجاع التلاميذ المطرودين ولو بعد الطرد وممارسة المهن الحرة لسنوات؟؟،الكل في مدرستنا بالتأكيد ناجح إلا الأستاذ المسكين ففرصة ترسيمه محدودة و فرصة ترقيته معدودة بل هي اليوم بالتعاقد قد تكون مستحيلة؟؟.
  • مدرسة الإصلاحات:
وهي المدرسة التي تعترف وبكل موضوعية بأزمتها المسترسلة والمتفاقمة عبر الزمان والمكان،ولكن يكفيها شرفا أنها لم تتصف يوما بالجبن وتغض الطرف عن واقعها فضجيج الأرقام وتقريع التقارير الوطنية والدولية لا يرحم،ومسلسل الإصلاحات لا هو ينتهي ولا هو ينتج:ميثاق ومخطط ارتجالي وتدابير لا أول لها ولا آخر،إصلاح وإصلاح الإصلاح ولا شيء يتغير في العمق،فالتقارير الدولية والوطنية لا زالت تشير إلى غير ما تدعيه وتدبجه التقارير المحلية والإقليمية مع الأسف؟؟.
 
كل ما سبق في الحقيقة لا يعدو أن يكون مجرد إطارات فارغة أو تكاد ولا تزال تحتاج إلى التأصيل والإقناع وإلى الملأ والاشتغال الحقيقي قبل الإقلاع،بعيدا عن الدعاية المجانية والبراباكندا التعليمية والاشتغال في الارتجال،حتى تندرج كل القوالب السابقة في نظام و دعائم تربوية فعالة تتناغم فيها كل الحوامل والأجزاء والمكونات في تماسك وفعالية ومردودية ملموسة ومقنعة على أرض الواقع،تحمل للأجيال من الأمل ما تحمل وتفتح للوطن من الآفاق الرحبة ما تفتح؟؟
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.