ينظم الفنان التشكيلي عبد الله أوشاكور برواق المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بالرباط، منذ الثاني من شهر مارس وحتى متم نفس الشهر، معرضا ممتعا، يقدم فيه للمتلقي فيضا من اللوحات تكريما للمرأة في يومها العالمي، وتلامس في ألوانها مواضيع كثيرة قريبة جدا من نبض المراة واحلامها وذكرياتها، وقيم المجتمع والتاريخ، والحس الواقعي الفني الجميل.
وبرع الفنان عبد الله، الذي تلقى تعليمه الأول في تارودانت مسقط رأسه، ثم هاجر الى الخارج، في نقل الملتقي الى عوالم مجتمعية وتاريخية وتراثية وانسانية راقية، وذلك من خلال تكريمه للكثير من المشاهد اليومية والصور الحية التي تنضح، بروح الهوية الوطنية، كاحدى تجليات الذاكرة المغربية الحية والاصيلة في الزمان والمكان.
وكرم الفنان في معرضه المرأة المغربية، في كثير من المحطات، وذلك من خلال رسمه للكثير من الوجوه والبورتريهات التي اتقنها بشكل كبير، صور شتى، تحتفي بتقنية عالية بالمرأة المغربية خاصة منها الامازيغية، وهي ترفل في لباس الحايك، او تتلقى تعليمها في المدرسة، ما منح لتلك الاعمال اشراقات تكريمية للامهات والجدات، وفضيلة الاحساس بنخوة تلك النساء، وهن في طقوسهن الاثنوية يحكين قصصا لن تنسى في صمت رقيق.
ريشة الفنان عبد الله الواقعية تنثر الوان التفرد، هنا وهناك، حيث تلون الاسواق والبيوت القديمة والمدن العتيقة سواء في الرباط او في تافرواوت وغيرهما، مدن تشكلت من جديد في عالم الفنان فاعطاها بعدا جماليا وانسانيا وتاريخيا، فكانت تلألأ في شموخها بنسائها ورجالها ولوزها ومواسمها واقواسها وترابها، لتهدي للمتلقي تلك النفحة الفنية والابداعية التي لا تخطر على بال، انها ريشة رافقت صمت الدروب وحلم الحرفيين ودقة البورتريهات، التي رسمها الفنان بتامل وصبر ونظرة ثاقبة، انه نوع من الرسم بالكلمات والذي يقدم قصصا وحكايا، وبذلك يكون هذا الفنان احد المبدعين المثقفين القريبين جدا من مشاعر الناس، لنقل تلك القيم المجمتعية والواقعية عبر لوحاته، والتي قد نعتبرها صورة بريدية مفعة بفيض قيم ومشاعر واحلام وذكريات وهوية اصيلة.
هكذا هو الفنان عبد الله، هو مبدع تفخمه الهوية الوطنية، ينصت لحكايا الاجداد، وهموم الدراويش وهم يحكون قصصهم الجميلة في صمت بعد صلاة العصر في تلك الربوع، انه كمثل نورس يصاحب الصادين في رحلة المساءات بحثا عن الؤلؤ ومحار، في تلك المراكب الاسطورية التي تتحدى الاطلسي البعيد، انه صانع تلك الابواب التي تؤرخ للحظات من زمن التراث، وعاشق لرائحة الطين، ولاريج الجبال، حيث تتخيل هناك طنين النحل على اوراق الدفلى، وهي تغازل نسيم الذوق الرفيع ذهابا وايابا، انه شكل اخر من اشكال الجمال التشكيلي الواقعي والطبيعي الذي يوجده الفنان في هذا المعرض.
عموما يمكن التاكيد أن الفنان اوشاكور، يعتبر احد فنانين المستقبل والبارزين في مجال تخصصه، وذلك وفق رؤية فنية تحترف الفن، وتكرسه كرسالة انسانية نيبلة حاملة لقيم التعايش والتسامح والهوية الوطنية، حيث عمق تجربته الفنية بدراسة وتكوين جيد في مجال الرسم، كما ساهم سفره الى الولايات المتحدة الى تقوية تكوينه الاكاديمي، واحترافيته للهذا الفن، حيث اثمرت تجربته الفنية تنظيم العديد من المعارض فردية وجماعية داخل وخارج المغرب خاصة بالولايات المتحدة الامريكية، فكانت لوحة حية تبرز كم جميل هذا الفن المغربي الاصيل، الذي يبدعه الفنان، كشكل من اشكال صيانة الذاكرة الثقافية والحضارية والتراثية القديمة، خاصة منها الامازيغية خوفا عليها من الاندثار، والتي باثتت مهددة من قبل قيم العولمة وتفقد هويتها. لتكون لوحاته في مشاهد حية على سحر التراث المغربي، والكثير من القيم والعادات والطقوس، انه احتفال لوني بالمرأة والرجل معا، وبكل قيم المجتمع في قالب فني يجعل اللوحة تتكلم.