انتخاب مجلس المستشارين محطة لتعزيز المسلسل الديموقراطي و استكمال البناء المؤسساتي
تشكل انتخابات مجلس المستشارين، التي ستنظم يوم الثلاثاء المقبل، محطة أخرى لتعزيز المسلسل الديمقراطي، و استكمال البناء المؤسساتي.
حيث يتعلق الامر بانتخابات ذات رهانات و تحديات مختلفة، بالنظر للصلاحيات الواسعة التي أصبح يتمتع بها مجلس المستشارين، و لتركيبته المتنوعة التي تضم ممثلين عن المجالس الجماعية، الجهوية، الغرف المهنية و المنظمات النقابية، بالإضافة إلى ممثلي أرباب العمل و الأجراء.
فبموجب دستور 2011، أصبح المجلس يضطلع بدور متميز في ما يتعلق بالقضايا ذات البعد الجهوي أو تلك المتعلقة بما هو اجتماعي و اقتصادي مما يجعله فضاء لطرح المواضيع التي تهم الانشغالات اليومية المباشرة للمواطنين.
كما أن لمجلس المستشارين الأسبقية في مناقشة مشاريع القوانين المرتبطة بالمجالس الترابية باعتباره امتدادا لها.
فمكونات مجلس المستشارين، و خاصة، أعضاء الجماعات الترابية و الغرف المهنية، تجسد الانخراط في خيار الجهوية الذي يعتبر خيارا لا رجعة فيه كترجمة للديمقراطية المحلية و عودة نحو المحلي و وسيلة ناجعة لتجسيد قواعد الحكامة الجيدة و إرساء سياسة القرب.
و في هذا السياق، يقول محمد بودن، المحلل السياسي، و رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية و المؤسساتية إن الأعضاء المنتمين إلى الجماعات الترابية يمثلون الهيئة الأكبر على مستوى التمثيل داخل مجلس المستشارين بـ72 مستشارا ينتخبون عن طريق الهيئة الناخبة الترابية.
كما أضاف السيد بودن، في تصريح سابق لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الأمر ينسجم مع صلاحيات مجلس المستشارين الذي، و بالإضافة إلى مناقشته للقوانين بالتتابع بعد مجلس النواب، تعرض عليه بالأسبقية القوانين المتعلقة بالجماعات الترابية والتنمية الجهوية والقضايا الاجتماعية ليناقشها لأهمية تركيبته وخصوصيتها.
فيما أشار المحلل السياسي إلى أن هذا الأمر ينسحب كذلك على ممثلي الهيئات النقابية الأكثر تمثيلية التي تحمل بطبيعة الحال أفكارا وتوجهات وانتظارات العمال والشغيلة لمجلس المستشارين.
ليخلص المتحدث إلى أن مجلس المستشارين له طابع تمثيلي لرهانات وتحديات على المستويين الترابي والعمالي، معتبرا أن هذه الخصوصية تنصهر في إطار نظام الثنائية البرلمانية التي يتميز بها المغرب شأنه شأن عدد من التجارب الديمقراطية.
و لا يخفى على الجميع بأن تشكل انتخابات الخامس من أكتوبر الخاصة بمجلس المستشارين يشكل رهانا آخرا من أجل إفراز مؤسسة قادرة على الاضطلاع بأدوارها كاملة على مستوى تجويد العمل التشريعي، ومراقبة العمل الحكومي، وكذا في تمثيل مختلف الجماعات الترابية والغرف والفئات المهنيتين.
فجائحة كورونا أبانت عن اختلالات بنيوية في عدد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها الصحة والتعليم والاقتصاد غير المهيكل ، وتحتاج، لمواجهتها، مشاريع قوانين ذات طابع اقتصادي واجتماعي، وبرامج واضحة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمجالية المرجوة.
و يمكن القول بأن مجلس المستشارين الأقدر على المساهمة في اقتراح الحلول لهذه الاختلالات. فممثلو الجماعات الترابية، والغرف والمنظمات المهنيتين، هم أكثر قربا من مشاكل الساكنة، وأكثر دراية بالحاجيات الاقتصادية، ومتطلبات التنمية الخاصة بكل جهة.