صحراء امحاميد الغزلان تستعد لإستقبال رابع نسخة من عرس “تراكالت”

0 888

خيام تنتصب بين الكثبان الرملية، قوافل الجمال و النوق تستعد لربط واحة لمحاميد بصحراء “لحنانيش”، القصية بـ3 كيلومترات.. نساء قبيلة “عريب” تُرتبن ما نسجته أيديهن من مشغولات يدوية و إبراهيم بعمامته التقليدية صحبة حليم و من معهم من أعضاء جمعية “الزايلة” يكثفون الاتصالات و يضعون أخر اللمسات استعدادا لافتتاح الدورة الرابعة من مهرجان “تركالت” يوم 9 نونبر القادم حيث اختار المنظمون الاحتفاء بالمرأة موضوعا هذه السنة.

الموسيقى في خدمة الصحراء

“الصحراء ليست حكاية تُحكى بل حياة تُعاش” إنها جملة مكتوبة على صور إحدى الدور المتهالكة وسط مركز محاميد الغزلان، غير أن هذه الصحراء تعيش عددا من المشاكل المرتبطة بالمناخ أحيانا، حيث سنوات عجاف من الجفاف أثرت على الغطاء النباتي و زادت من شح المياه، مما أدى بمساحات الكلأ – التي كانت مرتعا لقطعان الإبل و الغنم – إلى التراجع و معها تراجعت أعداد الرحل الذين تحولوا إلى ظاهرة يتهددها الانقراض. الطبيعة ليست وحدها خصما للصحراء، بل تحالف معها الإنسان الذي اختارها وجهة للترويح عن النفس، ممتطيا سيارات الدفع الرباعي و حاملا معه عددا من الأواني وأكياس البلاستيك و سلوكات “المستهلك” التي لوثت الهواء و أساءت إلى مجال يعاني من الهشاشة أصلا.

أمام كل هذا قرر أعضاء “الزايلة” الخروج إلى العلن و تحويل جمعيتهم إلى “ناقة طروادة” التي استعملوها كي يقولوا للعالم أن الصحراء لا تزال مضيافة كما كانت، وأن سكانها يحملون قيما عنوانها الانفتاح على الأخر و الإيثار من أجل الأخر، مستعملين في ذلك موسيقى صحراء المغرب و مالي و التشاد و النيجر.. بالإضافة إلى تجارب موسيقية أروبية مبدعة و مبتكرة تتوخى إيصال رسالة واحدة مفادها أن الصحراء فضاء رحب رحابة الإنسانية نفسها.

خلال الدورة الرابعة من هذا المهرجان يخصص المنظمون إقامة للفنانين تلتقي فيها المغنية المغربية “أوم” التي حولت أصولها الصحراوية إلى أوتار تعزف على آلة الجمال ومعها الفرقة النسائية الأسطورية “تارتيت” من مالي و الفنانة الموريتانية “نورة منت سيمالي”. إقامة سيعمل الجميع فيها على إنتاج أغنية تتغنى بالصداقة والسلام مستعينين بما يحملون من تجارب موسيقية و خلفيات ثقافية.

تركالت واحة اللقاء و القوافل

“تركالت” هو الاسم التاريخي الذي حملته محاميد الغزلان لقرون كانت فيها المنطقة نقطة من نقاط الربط بين إفريقيا جنوب الصحراء و إفريقيا الشمال، هذا الدور الذي لعبته الواحة الصغيرة ببيوتها الرملية الواقفة على تخوم الصحراء جعل سكانها ينعمون برخاء اقتصادي (فيما مضى) و تعدد عرقي و ثقافي لا تزال علاماته بادية على ملامح الوجوه و لكنات الكلمات. مهرجان لمحاميد في نسخته الجديدة أحيا روح اللقاء في نفوس الساكنة بعدما قرر المنخرطون إعطاء إشارة البدء لقافلة ثقافية ستزور مجموعة من الدول تحت شعار “ثقافة و موسيقى بلا حدود” بمشاركة مهرجان “موسيقى الصحراء” من تومبكتو بمالي، مهرجان “سيغو” بالنيجر، مع حضور شرفي لمهرجان “In The Great Wide Open” من الأراضي المنخفضة (هولندا) و مهرجان “Paleo ” السويسري الذي حافظ على علاقات تبادل خبرات و صداقة متينة مع مبادرات جمعية “الزايلة” منذ سنة 2007 عندما مثل شباب المحاميد قريتهم بملتقى ثقافي احتضنته مدينة جنيف.

إبراهيم السباعي المدير الفني للدورة الرابعة لمهرجان “تركالت” و المسؤول عن التبادل الثقافي من داخل جمعية “الزايلة” صرح لهسبريس أن الهاجس الأول و الأخير الذي يحكم مبادرات العاملين على اشعاع و استدامة هذا المهرجان هو الحفاظ على الموروث الثقافي لمنطقة المحاميد و تسليط الضوء على القيم الكونية التي كانت و لا تزال راسخة عند نساء و رجال الواحة التي تتزين هذه الأيام لاستقبال ضيوف عرس اسمه “تركالت”.

المصدر: هسبريس – رشيد البلغيتي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.