محاكمة أربعة أشخاص بتهمة الإبتزاز الجنسي لمواطن قطري بمراكش
قضية بعد أخرى يتضح بأن”لارناك” لم يعد نشاطا فرديا معزولا، بل أصبح جريمة منظمة عابرة للحدود، تُوزع فيها الأدوار بين من يتكلف بـ”الجانب التقني” المتمثل في ضبط البرامج والتطبيقات التي تتيح تصوير الضحايا في أوضاع مخلة بالحياء وإنشاء بروفايلات وهمية بمواقع التواصل الاجتماعي، وبين فتيات يتكلفن باستدراج الضحايا لمحادثات مرئية ساخنة، ومن يضطلع بمهام سحب المبالغ المالية المتحصّلة من الابتزاز.
آخر ملفات الابتزاز الجنسي الضحية فيها مواطن قطري انتقل إلى مراكش للتقدم بشكاية ضد مبتزيه، فيما المتهمون أربعة شبّان يتابعون في حالة اعتقال بصك اتهام ثقيل،بعدما أنتجت الأبحاث الأمنية أدلة بأنهم توصلوا بحوالات مالية من دول الخليج تجاوزت 14 مليون سنتيم خلال ستة أشهر.
جريمة ابتزاز جنسي إلكتروني جديدة لأجانب يبت فيها القضاء المغربي، إذ تعقد الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية مراكش،اليوم الجمعة 17 دجنبر الجاري، الجلسة الثانية من محاكمة أربعة شبّان، بينهما شقيقان من واد زم، على خلفية تعرّض مواطن قطري لجريمة “أرنكة” جنسية.
واستنادا إلى مصادر مطلعة فإن وقائع القضية تعود إلى تاريخ 30 نونبر الماضي،حين توصلت فرقة محاربة الجريمة الإلكترونية، التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، بملف تعليمات من النيابة العامة متضمن لشكاية المواطن القطري في شأن تعرّضه للابتزاز والتهديد عبر الانترنيت،حيث طلب وكيل الملك فتح بحث قضائي تمهيدي حول الوقائع الواردة بالشكاية،بالاستماع للطرف المشتكي،وتشخيص الأرقام الهاتفية المذكورة في الشكاية،وكشف هويات أصحابها،وتشخيص هوية صاحب حسابين افتراضيين مستغلين في استدراج الضحايا،خاصة من دول الخليج.
لم يكن”م.ع.س.ف”، المهندس في شركة “قطر غاز”، يعتقد بأن قبوله، الأحد 14 نونبر الفارط،دعوة صداقة توصل بها من حساب مفتوح على أنستغرام باسم “هدى شاطب” سننتهي بدعوى قضائية. فقد أوضح المشتكي العازب، الذي يقفل في الرابع والعشرين من الشهر الجاري سنته الخامسة والثلاثين،بأنه تبادل معها رسائل إلكترونية عن طريق المسنجر،حيث أخبرها بأنه قطري الجنسية فيما زعمت بأنها مغربية تعمل ممرضة بمستشفى حمَد بالدوحة،ثم أرسلت إليه رقم هاتفها المرتبط بتطبيق الواتساب.
ولم تكد تمضي سوى أيام قليلة على تعارفهما حتى طلبت منه ممارسة الجنس الافتراضي عبر تقنية المحادثة المرئية،إذ عرضت عليه تشغيل كاميرا هاتفه،وهو ما وافق عليه ليشاهد فتاة تتجرد من ملابسها بغرفة نوم وتقوم بإيحاءات جنسية، ثم أشارت عليه بالقيام بالأمر نفسه،وهو ما استجاب له،حيث أظهر عضوه التناسلي أمام الكاميرا،قبل أن ينقطع الاتصال بعد مرور حوالي دقيقة.
ساعات قليلة بعد ذلك سيتوصل المشتكي برسائل عبر الواتساب صدمه فيها المتصل بخبر صاعق،فقد أكد له بأن شاب وليس بفتاة وقد تمكن من تصويره في أوضاع فاضحة،لينتقل إلى ابتزازه،مرسلا إليه رسالة نصية عبر الواتساب،يوم 17 نونبر، مطالبا إياه فيها بمبلغ 8000 ريال قطري (أكثر من مليوني سنتيم) مقابل عدم نشر المقاطع الخليعة.
لم يجد المشتكي، المنحدر من عائلة مرموقة في قطر، غير تحويل مبلغ قدره 3500 درهم عبر تطبيق تحويل الأموال المثبت بهاتفه والخاص بإحدى الشركات في اسم شخص مغربي يُدعى “ح.ب” ثم حوّل مبلغا ثانيا بقيمة 4700 درهم في اسم شخص آخر يدعى “س.ن”.
كما صرّح، في محضر إضافي، بأنه وأمام تواصل التهديدات رضخ وكلف شقيقه بإرسال 2500 درهم في اسم الشخص الأخير،غير أن مبتزيه لم يكتفوا بذلك بل طالبوه بمبلغ إضافي 5000 درهم على أساس أن يرسله إليهم، الأربعاء فاتح دجنبر الجاري.
بعد الاستماع إلى المشتكي،استهلت الفرقة أبحاثها الأمنية بتوجيه ثلاثة انتدابات،واحد لمتعهدي توزيع الخدمات الهاتفية والانترنيت بخصوص الأرقام الهاتفية التي كان يتواصل بها المبتزون مع المشتكي،وآخر لشركة تحويل الأموال التي أرسل عبرها المشتكي وشقيه الحوالات المالية الثلاث،والثالث لشركة انستغرام بخصوص الحساب المفتوح باسم هدى شاطب.
كشفت شركة تحويل الأموال عن هوية الشخص الذي توصل بحوالتين، ويتعلق الأمر بشاب عاطل عن العمل،يُدعى “س. ن” (21 سنة) يقطن في بني ملال،قبل أن يفجر جوابها مفاجأة من عيار ثقيل،مؤكدا بأن المشتبه فيه توصل بمجموعة من الحوالات من دول الخليج بلغت 143651 درهما (أكثر من 14 مليون سنتيم) خلال ستة أشهر الممتدة من 2 يونيو المنصرم حتى 2 دجنبر الجاري.
كما حدد جواب الشركة هوية الشخص الثاني المستفيد من إحدى الحوالات،ويتعلق الأمر بشخص يُدعى “ح. ب” (27 سنة) يعمل مستخدما بوكالة لتحويل الأموال بحي “الفرح” في الدار البيضاء.
انتقل المحققون إلى بني ملال لتوقيف المشتبه فيه،الذي صرّح بأن دوره يقتصر على سحب المبالغ المالية المرسلة من خليجيين ضحايا الابتزاز الجنسي الإلكتروني،موضحا بأنه كان يحتفظ لنفسه بعمولة متراوحة بين 1000 و1500 درهم في كل عملية ويرسل الباقي إلى العقل المدبر لعمليات الابتزاز،”س.أ”،القاطن بواد زم والذي يبلغ من العمر بالكاد 18 سنة، موضحا بأنه هذا الأخير يحترف “لارناكا” بمعية شقيقه الأكبر البالغ من العمر 27 سنة، وهو من كان يمده بأسماء الأشخاص الذين يرسل المبالغ المالية في أسمائهم، بينهم والدته وشقيقه.
وبعد وضعه تحت الحراسة النظرية انتقلت الشرطة إلى واد زم ومنها إلى الدار البيضاء لتوقيف المتهمين الثلاثة الآخرين، قبل أن يجري تقديمهم جميعا أمام أحد نواب الملك لدى ابتدائية مراكش، بتاريخ 10 دجنبر الحالي،الذي قرّر متابعتهم في حالة اعتقال نظرا لحالة التلبس واعترافاتهم التمهيدية أمام الضابطة القضائية،محيلا إياهم على المحاكمة ،خلال اليوم نفسه،ليتقرر تأخيرها لجلسة اليوم.