لامخرج الا بالعلم والمعرفة
حسب الاحصائيات الرسمية 40في المائة من العرب لايقرأون.والنسبة 60في المائة بين النساء والنسبة أكثر بكثير في عالم الأرياف والبوادي. الجهل اكثر من مائة فتنة كما يقال، وما من مخرج آخر للعالم العربي من الجهل والتخلف الا العلم والمعرفة.ولايمكن ان نتقدم الا إذا صارت المكتبة العائلية في البيت ضرورية مثلها مثل السرير والمطبخ..وإطلالة بسيطة على عالم الكتب أكثر مبيعا في العالم العربي، وبناءا على ماجادت به لغة الارقام في هذا المجال ،نجد ان “كتب الطبخ” تتصدر القائمة ، تليها كتب “إنقاص الوزن”، ثم كتب “تفسير الأحلام” وبعض الكتب الدينية من قبيل “الحبة السوداء دواء لكل داء”،”كيفية علاج الضعف الجنسي عند الرجال”..نحن للأسف أمة إقرأ التي لاتقرأ،وبسبب بكونها لاتقرأ أنتجت ثقافة لاتعطي الأهمية الا للراقصات ولاعبي كرة القدم والمشعوذين وما شابههم، ورغم ذلك لانستحي أن نتساءل ببلادة فاضحة عن كيف ولماذا طلقتنا الحضارة بالثلاث..وحتى طلابنا حين يريدون ان يقرأوا تجدهم يشتكون
من الظروف المحيطة بهم والتي تؤثر حسب زعمهم سلباعلى تحصيلهم ومردوديتهم الدراسية.فما ان تسأل احد الكسالى منهم حتى تجده يعلق غباءه و فشله الدراسي على شماعة الظروف ..تسأل التلميذ او الطالب لما تعاود السنة،أو لماذا غادرت المدرسة؟ ويجيبك بكلمة واحدة قائلا: الظروف.. والى هؤلاء جميعا اسوق القصة التالية حتى لايعلقوا اسباب فشلهم على شماعة الظروف السيئة التي قلما يسلم منها الكثير من بني البشر على وجه المعمورة .وما أكثر الظروف القاسية التي انجبت وساهمت في تكوين رجال عباقرة وعظماء غيروا وجه التاريخ.أما القصة التي أود سردها لأخد العبرة ،فتتمثل في حكاية أعجبتني كثيرا يرويها نيكولاس كريستوف في «الهيرالد تريبيون» وهي حكاية شاب في الحادية والعشرين من جنوب السودان يدعى بول لوريم، نال منحة للدراسة في جامعة «ييل».وحتى يعلم طلابنا أين بدأ؟ فالطفل كان يعيش في احدى القرى النائية المهمشة بجنوب السودان ، قرية تبعد عن أقرب طرق الإسفلت بأيام عدة ..و هذا الطفل القروي المسكين أصيب بالسل، فحمله والداه على ظهر دابة إلى معسكر لاجئين في كينيا حيث يمكن معالجته،وبعد أيام طويلة ومضنية ذهابا وإياباعلى طريق شاق عادا إلى القرية، حيث توفيا بسبب المأساةوبقي هو حيا، يرعاه لاجئون أكبر منه بقليل.
أرغمه رعاته على الذهاب إلى المدرسة التي توجد بدورها في مخيم اللاجئين الذي تلقى منه العلاج لأنها طريقه الوحيد خارج اليتم والفقر. كان صفه مؤلفا من 300 تلميذ يجلسون تحت شجرة. وبما أنه لم يكن يملك قلما ودفترا راح يكتب أمامه على الرمل، فاحتل المرتبة الثانية بين أقرانه في جميع شمال كينيا. ففاز بمنحة دراسة إلى نيروبي، ثم فاز بمنحة أخرى إلى أكاديمية القياديين في جنوب أفريقيا. ومن هناك إلى «ييل» إحدى أهم جامعات أميركا والعالم ..
وحتى يعلم طلابنا الذين يبررون كسلهم بالظروف أنه رغم ان قرية لوريم تبعد أياما عدة عن أقرب طرق الإسفلت، ورغم مرضه وخصاصة ،بل وموت ابويه استطاع بفضل إرادته إن يحقق لنفسه إنجازا رائعا يستحق الذكر ويستحق ان يكون نبراسا للأخرين ..فلاشيء مستحيل تحت الشمس..أنتم يا من يتحججون بحجة الظروف، ويا من يقدمون الفشل والعجز لأنفسهم و لبلدهم، ليست ظروفكم اسوأ من ظروف بول لوريم الذي حقق المعجزات، فأغلبكم يملك بيتا ومحفظة وإنارة وقوت يومه وإن لم نقل قوت سنة بكاملها..
*****
آخر ..نكتة :
في اليابان، جرس المدرسة موسيقى هادئة.
في بلدنا ، جرس المدرسة كأنه إنذار قصف جوي مع إحتمال الوقوع في حرب..
ومع ذلك يتخلف التلاميذ وهم يمشون الهوينى بروح رياضية وكأنهم يساقون رغم انفهم الى الجحيم ويقولون للاستاذ حين يستفسرهم عن سر تأخرهم عن الحصة وفي آذانهم سماعات الاغاني: لم نسمع الجرس..
تباًّ لكم أيها التلاميذ كم انتم رائعون حقا !