جلالة الملك محمد السادس يُوجه خطابا إلى القمة السادسة للإتحاد الأوروبي و الإتحاد الإفريقي ببلجيكا

0 361

وجه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، اليوم الجمعة، خطابا إلى القمة السادسة للإتحاد الأوروبي و الإتحاد الافريقي، التي تنعقد ببروكسيل.

و في ما يلي نص الخطاب الملكي الذي تلاه وزير الشؤون الخارجية و التعاون الإفريقي و المغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة:

“الحمد لله، و الصلاة و السلام على مولانا رسول الله و آله و صحبه.

أصحاب الفخامة و المعالي رؤساء الدول و الحكومات،

أصحاب المعالي و السعادة،

حضرات السيدات و السادة،

من الطبيعي أن يخاطب المغرب، بحكم إنخراطه في دينامية التاريخ و حرصه على مراعاة متطلبات المصير المشترك، كلا من إفريقيا التي ينتمي إليها و أوروبا الشريكة الجارة و المباشرة.

إن التعليم و الثقافة و التكوين المهني و التنقل و الهجرة كلها قضايا تشكل مجتمعة أولويات عملنا في المغرب و في إفريقيا، و في إطار شراكتنا مع الإتحاد الأوروبي.

و ذلك لأن القاسم المشترك بين كل هذه القضايا هو الشباب الذي يشكل رأسمالنا البشري، و الذي ينبغي للشراكة بين القارتين أن تستثمر فيه و من أجله بما يضمن لها بلوغ أقصى إمكاناتها.

ثم لأن هذه القطاعات الكبرى قد تضررت بشكل بالغ من تداعيات الجائحة، و هو ما يتطلب منا مجهودا مشتركا واسع النطاق.

ففي المقام الأول، و في مجال التعليم، يجدر التذكير بأن %94 من تلاميذ العالم عانوا من إغلاق مؤسساتهم التعليمية في ذروة الجائحة. لذلك، يتعين علينا تأمين إستمرارية التعليم، مع مراعاة السياق الجديد للتحول الرقمي في قطاع التعليم. و يكتسي هذا المطلب العام أهمية حيوية في إفريقيا التي يمثل الأشخاص دون سن العشرين % 50 من مجموع سكانها.

كما أن مدارسنا و جامعاتنا و مؤسساتنا الخاصة بالتكوين المهني، تحتاج على غرار إقتصاداتنا، إلى تحقيق إنتعاش قوي من أجل تدارك قرابة 1800 مليار ساعة ضائعة من زمن التعلم.

و فضلا عن ذلك، فإن الثقافة لم تسلم، هي الأخرى، من تداعيات الجائحة، أولا من الناحية الإقتصادية، ثم من حيث إتاحة الولوج إليها. ففي هذا المجال، كان وقع الجائحة بالغا، مما يحتم إستئناف مختلف أشكال التعاون الثقافي، من أجل إعطاء دفعة جديدة لهذا القطاع، الذي يعد رافعة حقيقية للتقارب في إفريقيا و في أوروبا و بين إفريقيا و أوروبا.

أما تنقلات المهاجرين فقد أثبتت الجائحة أن هؤلاء لا يضروا بالإقتصاد. بل إن لهم، على العكس من ذلك، أثرا إيجابيا، سواء على بلدان الإستقبال، التي غالبا ما يشتغلون فيها بصفتهم “عمالا أساسيين”، أو على بلدانهم الأصلية. و من ثمَّ يتعين مقاربة هذه القضية، لا بصفتها تحديا فحسب، بل بإعتبارها مصدرا هائلا للفرص.

و إننا لنؤكد بكل إقتناع، بصفتنا رائدا للإتحاد الإفريقي بشأن قضية الهجرة، أننا سعينا دوما إلى تبديد أشكال سوء الفهم التي تحيط بهذا الموضوع. و تلك هي رسالة المرصد الإفريقي للهجرة، الذي أنشئ بمبادرة منا، و التي تتمثل في توفير البيانات و المعطيات الموضوعية حول الهجرة، توضيح الحقائق، و التوفيق بين مصالح كل من إفريقيا و أوروبا في حال تعارضها، و إحلال منطق العلاقة العضوية بين تنقل الأشخاص و التنمية، محل المنظور الأمني الصرف، إنسجاما مع روح المقاربة الإنسانية لميثاق مراكش.

أصحاب الفخامة و المعالي و السعادة،

حضرات السيدات و السادة،

إن ضمان التعليم و تسريع وتيرة التكوين و التشغيل لفائدة شبابنا، النهوض بالثقافة، تنظيم الهجرة و تنقل الأشخاص، يعد رهانا أساسيا للشراكة بين الإتحاد الإفريقي و الإتحاد الأوروبي.

إن هذه الأهداف الواعدة هي ما ينبغي أن نراعيه في مقاربتنا للشراكة التي ننشدها. فلا إفريقيا و لا أوروبا قادرتان أي منهما على تحقيقها بمعزل عن الأخرى. و بالتالي، فإن لنا مسؤولية مشتركة في هذا الباب تمليها علينا مصالحنا المشتركة.

و المُؤمَّل أن تشكل نقاشاتنا اليوم خطوة إيجابية في هذا الإتجاه، لأن الثروة الحقيقية للشراكة بين الإتحاد الإفريقي و الإتحاد الأوروبي لا تكمن في التئام 81 دولة، بل في دفعها إلى الإنخراط بكل حزم من أجل السلام و اللإستقرار و الرفاه المشترك، أي من أجل مستقبل المواطنين كافة، أفارقةً و أوربيين.

و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.