الوزير ناصر بوريطة يؤكد بأن المغرب سينخرط بكل عزم في تحقيق أهداف مبادرة “منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب” و إعطائها الزخم اللازم
أكد وزير الشؤون الخارجية، التعاون الإفريقي و المغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، أمس الجمعة بالرباط، أن المغرب سينخرط بكل عزم في تحقيق أهداف مبادرة “منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب” لمجالس الشيوخ، المجالس المماثلة بإفريقيا، العالم العربي، أمريكا اللاتينية، الكراييب و إعطائها الزخم اللازم.
حيث قال الوزير بوريطة، في كلمة له في إفتتاح أشغال “منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب”، الذي ينظمه مجلس المستشارين تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إن ” المغرب، العضو الفاعل في منظمة الأمم المتحدة، الحريص على التشبث بمبادئ القانون الدولي، سينخرط بكل عزم في تحقيق أهداف هذه المبادرة و إعطائها الزخم اللازم، كي تكون فعلا فضاء للحوار و التعاون المربح للجميع مع مراعاة و الحرص على مصالح جميع المنضمين إليها”.
كما أكد الوزير على أن المملكة المغربية لن تذخر جهدا في دعم كل مبادرة تصب في إطار تعزيز هذا البعد المميز من العمل الدبلوماسي البرلماني، تعبئ خبرتها و إمكاناتها لإرساء شراكة طموحة خدمة لأهداف شعوب هذه الفضاءات.
و سجل أن العديد من التجارب السابقة لمبادرات التقارب أو الاندماج، على مختلف أشكالها و صيغها، قد أثبتت أن “قدرتها على بلوغ الأهداف المتوخاة منها رهين بحرصها على تجنب محاولات الزج بها في قضايا خلافية تتناقض مع طموحات و مرامي مؤسسيها، و تحولها بالتالي إلى مسرح للصراع و الإصطفاف الإيديولوجي و محاولة كسب معارك وهمية قد فشل أطرافها الحقيقيون في التسويق لها على المستوى الدولي، و بشكل خاص على مستوى الشرعية الدولية، و التي تبقى منظمة الأمم المتحدة أسمى وأنجع فضاء متعدد الأطراف لحلها”.
فيما أبرز الوزير أن هذا المنتدى يمثل أزيد من مليارين و مائتي مليون نسمة، و يجمع دولا يفوق ناتجها الداخلي الخام مجتمعة أزيد من 8200 مليار دولار؛ و هي دول تزخر بإمكانات هائلة للنماء المشترك، خلق الثروة، الإستثمار المربح، التبادل التجاري، التكنولوجي و الثقافي، و توفر فرصا حقيقية لتحسين مستوى عيش شعوبها، لافتا إلى أنه “في الواقع الدولي و الإقليمي الذي نعيشه، أصبحت الإتحادات البرلمانية، البرلمانات الجهوية و الإقليمية تكتسي، أكثر من أي وقت مضى، أهمية خاصة لدول الجنوب. حيث تلعب دورا رائدا في التفكير و البحث الجماعي عن إجابات براغماتية و ناجعة لمختلف تحديات التي تواجهها بلداننا ومجتمعاتنا اليوم “.
كذلك قال بوريطة أن “قناعة المملكة المغربية، كانت و لا تزال، أن التحديات الراهنة و المستقبلية التي تواجه شعوب الجنوب تستدعي تبني مقاربة جماعية، تقوم على مبدأ التنمية المشترك، و تأخذ بعين الإعتبار حاجيات و خصوصيات كل بلد، و تعمل على تثمين مجهوداته الوطنية في إطار مقاربة تشاركية على مستوى المنطقة أو الإقليم”، مذكرا، في هذا السياق، بأن مسلسل الإصلاحات و الأوراش التنموية الكبرى التي عرفتها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تشكل رافعة تنموية حقة تضع المغرب في مصاف الدول الرائدة التي راكمت رصيدا مهما من الخبرات و الممارسات الفضلى، يؤهلها للإسهام بفاعلية في المسار التنموي الإقليمي و بين الإقليمي.
فأضاف أن التجربة التي راكمها المغرب في عدة قطاعات إستراتيجية و حيوية، كالطاقات المتجدد، الأمن الغذائي و الإستغلال المستدام للموارد الطبيعية، فضلا عن التكنولوجيات الجديدة و الصناعات الدوائية، تبوء المملكة مكانة خاصة على المستوى الإقليمي، القاري، تفتح آفاق حوار، تعاون عمليين مع الدول، المجتمعات الصديقة و الشقيقة، خاصة بإفريقيا، العالم العربي، أمريكا اللاتينية و الكاريبي، في إطار تعاون جنوب-جنوب مبني على التضامن الفاعل، الإحترام المتبادل، المنفعة المشتركة و الشراكة رابح-رابح”.
تابع بعد ذلك بالقول بأن المجالس الممثلة المجموعات الجيوسياسية الثلاث، تضم بطبيعتها كفاءات، خبرات متخصصة، تمثيليات مهنية، ترابية كفيلة بنقل تطلعات، إنشغالات المواطنين و الهيئات التي تمثلها، “و هو ما سينعكس إيجابا على جودة المبادرات و الإقتراحات التي ستناقشونها داخل هذا المنتدى، يضفي عليها طابعا عمليا يجعلها أكثر قابلية للتنفيذ و التتبع على أرض الواقع “.
ليفت بوريطة إلى أن الحوار البناء و تبادل وجهات النظر بين هذه المؤسسات من شأنه التقريب بين شعوب و دول مناطق تتشارك قيما إنسانية، ثقافية و حضارية عميقة، و كذا تطوير آليات للتكامل، التعاون، تبادل الخبرات و الممارسات الفضلى في مجالات حيوية، كتحفيز النمو الإقتصادي، الرفع من التنافسية، تكريس الإندماج الإجتماعي، تقليص الفوارق، الدفع بالتنمية الترابية، الحكامة و غيرها.
عبر المتحدث عن ثقته بكون “هذا المنتدى سيسهم في تنسيق المواقف السياسية في المحافل الدولية بشأن القضايا ذات الإهتمام المشترك لشعوب مناطقنا، في إطار الإحترام الكامل لمبادئ و أعراف القانون الدولي، بما فيها إحترام السيادة و الوحدة الترابية للدول “.
أما العمل الدبلوماسي البرلماني أصبح يعتبر بعدا موازيا للعمل الدبلوماسي الحكومي، و لا يقل أهمية عنه، خصوصا في الدول التي جعلت من المسار الديموقراطي خيارا إستراتيجيا يثمن الإختصاصات الدستورية الموكلة إلى المؤسسات التشريعية و يعترف بها فاعلا وازنا في تقوية صلات التعاون بين الشعوب، النهوض بالأمن و السلم العالميين، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أكد في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الـ 34 للمسيرة الخضراء، أن “تفعيل التوجهات السياسية و التنموية، لهذه المرحلة الجديدة، لا ينبغي أن ينحصر في الجبهة الداخلية، و إنما يتطلب أيضا تضافر جهود الدبلوماسية الرسمية و الموازية”.
عبر وزير الشؤون الخارجية عن إرتياحه لما حققته “مختلف تجمعاتكم البرلمانية خلال السنوات الأخيرة، من خلال السعي المشترك إلى الإضطلاع بأدواركم كبرلمانيين و معالجة القضايا التي تعيشها شعوب إفريقيا، العالم العربي، كذا شعوب أمريكا اللاتينية و الكاريبي، في ظل ما تجتازه هذه المناطق من تحولات متسارعة و تحديات متنامية، إن على المستويات السياسية و الأمنية أو في المجالات الإقتصادية، الإجتماعية و البيئية “.
في الختام، خلص إلى القول “إننا، في المملكة المغربية، فخورون بالعمل الدؤوب الذي يقوم به البرلمان المغربي بغرفتيه، من إنخراط فاعل داخل العديد من المنتديات البرلمانية الجهوية بإفريقيا و العالم العربي، بحركيته، نشاطه بأمريكا اللاتينية و الكاريبي، عن طريق المشاركة الفعلية في أشغال الجلسات التي يدعى إليها و المساهمة في تبادل الخبرات في المجالات التشريعية. و لعل خير مثال على ذلك، تدشين المكتبة المتعددة الوسائط التي تحمل إسم جلالة الملك محمد السادس نصره الله، مؤخرا بمقر برلمان أمريكا اللاتينية و الكراييب (برلاتينو Parlatino) بالعاصمة البانامية بنما سيتي “.