تعليق على منشور السيد رئيس الحكومة
ما أقدم عليه السيد رئيس الحكومة من إصدار منشور يسعى لضبط الغياب في المرفق العمومي ويضع حدا للتسيب والفوضى وقلة المردودية، عمل مشكور وجهد محمود يحسب في حسنات هذه الحكومة، التي آلت على نفسها محاربة الفساد والاستبداد وإرجاع الثقة للمرفق العمومي ومصالحة المواطن مع الإدارة العمومية والعمل على تقريب هذه الإدارة من المواطن، ليس بالهياكل والبنايات وإنما بخلق جو من التواصل البناء. وأن يحس المواطن أن سر وجود ذلك الموظف في عمله، هو خدمة حاجياته ورغباته في إطار القانون وفي ظل مساطر مرنة تروم تخفيف الأعباء ووطأة البيروقراطية. والأجمل منه أن تضع الحكومة آليات عملية ووسائل ميدانية لتنفيذ هذا الورش الكبير الرامي لإصلاح الإدارة التي تعاني كثرا من الأعطاب. ومن بينها وجود جيش من الموظفين الأشباح الذين لا يلتحقون بعملهم، وجيش آخر يواظب على الحضور لكنه لا يشتغل متدثرا بقولة رائجة في الوسط الإداري مفادها :”أن العمل هوا لحضور في الوقت”، ضعيف المردودية، قليل المبادرة، وقد تجد في صفوفه أطرا عليا يتجاوز راتبهم المليون سنتيم.
إلا أن هذا الورش الطموح الذي يدخل في إطار حث الموارد البشرية على القيام بالواجب يجب أن يصاحبه الوجه الثاني من العملة وهو إعطاء الحقوق وتحقيق المطالب الملحة. وهو ما لخصه موظف زميل في جماعة ترابية بقوله”:شبع وطبع”أي اضمن للموظف حقوقه كاملة، واطلب منه القيام بالواجب وحاسبه على الأداء، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة. يجب ألا يحس الموظفون أن الحكومة تميل إلى الاقتصاص منهم، وتكبيل تحركاتهم والتضييق عليهم. فالنفس الذي يسود هذه الأيام، هو التضايق والخوف من هذه الإجراءات والتوجس في ظل جمود في الأجور وارتفاع للأسعار، وعدم توفر وسائل الاشتغال والأجواء المناسبة في عدد من الإدارات وخاصة في قطاع الجماعات الترابية. هذه الوحدات الإدارية التي يكثر فيها الشطط في استعمال السلطة والتحكم المزاجي والنظرة السياسوية ومحاربة العمل النقابي لدى كثير من رؤسائها.وذلك بفعل ما خوله لها القانون من شخصية معنوية واستقلال مالي .لكن العيب ليس في هذه الاختصاصات وإنما لدى العامل البشري الذي يميل إلى المطالبة المبالغ فيها بالقيام بالواجب، دون الالتفات إلى إحقاق الحقوق وإنجاز المطالب.
كلامك على صواب شكرا لك اخي