مدينتي الداخلة و العيون تتعززان بمحاكم تجارية و إدارية
حصدت مغربية الصحراء في الفترة الأخيرة دعما و تأييدا متزايدا من قبل العديد من الدول، و إعلان دول قوية تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية المغربية، و تعزز ذلك بفتح قنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
نتيجة لذلك، صدر أخيرا مرسوم بالجريدة الرسمية المتعلق بقانون التنظيم القضائي القاضي بإحداث محكمة إستئناف و أخرى تجارية في مدينة الداخلة ثم إحداث محكمتين إداريتين بالعيون و الداخلة.
فيرى خبراء و باحثون في القانون، أن إحداث محاكم تجارية و إدارية، يأتي في إطار المكانة السياسية التي أضحت عليها المنطقتين، بعد أن أصبحتا قبلة مهمة للإستثمار الداخلي و الأجنبي.
كذلك يؤكد هؤلاء الباحثون أن إحداث تغيير في التنظيم القضائي المغربي، بإحداث محاكم بهذه المدن الجنوبية، لم يأت إعتباطيا، و إنما مناخ الأعمال والإستثمار يتطلب وجود قضاء متخصص، و تفادي تكبد المتقاضين سواء الأجانب أو المحليين التنقل ما بين العيون أو الداخلة إلى مدينة أكادير و مراكش اللتين تبعدان عنهما بمسافة طويلة.
يشار إلى أن تغيير الخريطة القضائية للمملكة يأتي في إطار خطة جديدة لوزارة العدل هدفها تقريب القضاء من المواطن.
و قد صدر أخيرا بالجريدة الرسمية عدد 7079 المرسوم الصادر بتطبيق أحكام الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، و مشروع مرسوم يتعلق بتغيير و تتميم المرسوم الصادر بتحديد عدد المحاكم التجارية و محاكم الإستئناف التجارية و مقارها و دوائر إختصاصها.
كما رفع هذا المرسوم عدد محاكم الإستئناف من 22 إلى 23 محكمة، و ذلك بعد قرار وزير العدل بإحداث محكمة إستئناف بالداخلة، ثم إضافة محكمة تجارية في الداخلة و أخرى في العيون، مما سيرفع عدد المحاكم التجارية الإبتدائية إلى 10 محاكم. بتحديد عدد المحاكم التجارية في 10 محاكم، و ذلك بإحداث محكمتين إداريتين بالعيون و الداخلة.
في هذا الصدد، يقول المحامي عبد العالي الصافي، خبير و باحث في القانون، أن إحداث محكمة إستئناف عامة بمدينة الداخلة كفيل بتكريس الضمانات الحقوقية للمحاكمة العادلة أولا ثم توفير الأمنين القضائي و القانوني، ثم تمكين المواطن من الحصول على حكم قضائي في أجل معقول و ذو جودة، أي الكم والكيف معا.
فيما يزكي الصافي، الشيء نفسه بإحداث محاكم تجارية و إدارية في كل من العيون و الداخلة بعد أن كانتا معا تابعتين لمحكمتي أكادير الإدارية و التجارية الإبتدائيتين و لمحاكم مراكش على مستوى إستئناف نفس الصنف أو التخصص (التجاري و الإداري).
يرى المحامي نفسه، أن جهة الداخلة وادي الذهب بالإضافة لمكانتهما السياسية فهي أصبحت وجهة مهمة للإستثمار الداخلي و الأجنبي، مشيرا إلى أن هذا الإستثمار يبحث عن بيئة أعمال جيدة للإطمئنان و أهم عناصر الأعمال الجيدة هو وجود قضاء عام و متخصص في الميداني التجاري و الإداري و بكلفة أقل سواء المادية أو الجهد و الأمن القضائي.
ليشير الخبير القانوني، إلى أن جهة كلميم تتوفر على محكمة إستئناف بينما جهتي العيون و الداخلة لا تتوفران على محاكم تجارية و إدارية رغم الطفرة الإقتصادية التي تشهدها المنطقة ككل و الجهة بشكل خاص، و كذلك النمو الديموغرافي و المتسارع و التوسع الحضري لمدنها و أيضا الساعة مساحتها و بعدها عن أكادير بأكثر من 600 كيلومتر.
هذا و الداخلة تتوفر على محكمة إبتدائية تابعة لإستئنافية العيون التي تبعد عنها أكثر من 500 كيلومتر و يتبع لنفوذها مجال جغرافي شاسع بحواضر أو تجمعات سكانية نذكر منها العركوب، إمليلي، بئر أنزران، كليبات الفولة، أم دريكة، ميجيب، لكويرة، أوسرد، بئر كندوز، أغوينيت، الزوك و تسلا.
و إسترسل الصافي قائلا أن “ترامي أطراف هذه الجهة بتجمعات سكانية متفرقة تجعل مسألة الولوج للقضاء مهمة جدا صعبة، خصوصا في درجته الثانية من التقاضي، فعندما يكون المواطن يقطن بالكويرة أو بئر كندوز و عليه أن يصل إلى الداخلة أولا ثم قطع مسافة 500 كيلومتر، فأعتقد أن ذلك يخالف المقتضيات الدستورية و خاصة الفصل 118 من الدستور التي جعلت حق التقاضي مضمونا لكل شخص للدفاع عن حقوقه و عن مصالحه التي يحميها القانون”.
ذكر الباحث في الشأن القانوني، أن ميثاق إصلاح منظومة العدالة تحدث عن الأمنين القانوني و القضائي و الولوج المستبصر العدالة كمبادئ أساسية لإصلاح منظومة العدالة بشكل عام.