مراكش..أجيال تتوارث تحضير حلوى “الشباكية”
لا تكاد مائدة إفطار المراكشيين تخلو خلال شهر رمضان الكريم، على غرار باقي مدن و مناطق المملكة، مما لذ و طاب من مختلف ألوان الأطعمة و الحلويات، و في مقدمتها “الشباكية المعسلة”، التي توارثت أجيال متعاقبة بالمدينة الحمراء، تحضيرها و بيعها، على إعتبار أنها من أكثر الحلويات شعبية و إستهلاكا، و بالخصوص طيلة الشهر الفضيل.
و مع حلول شهر الصيام، تزدهر تجارة “الشباكية المعسلة” بمدينة مراكش، كما هو الشأن في مختلف مدن المملكة، حيث يكثر الإقبال عليها، إذ تبقى أحد المكونات الرئيسية، إلى جانب حساء “الحريرة”، لمائدة الفطور الرمضانية، و التي لا يخلو أي بيت مراكشي، و مغربي بصفة عامة، كيف ما كانت حالته الإجتماعية، من هذه الحلوى التي تتميز بتنوع و جمالية أشكالها، و برائحتها المتميزة، التي تمنحها إياها المكونات الأساسية التي تدخل في تحضيرها، فضلا عن طريقة عرضها في المحلات المتخصصة في صناعتها. و على الرغم من تكاثر هذه المحلات خلال الشهر الفضيل، لما يدره بيع هذه الحلوى من مداخيل و أرباح مجزية، سواء على التجار المتخصصين في بيعها طيلة السنة، أو على من يتعاطون لها بشكل موسمي، فقد ظلت هذه الحرفة لصيقة ببعض الأسر المراكشية، التي ذاع صيتها في هذا المجال، داخل المدينة الحمراء و خارجها، بعد ما توارثتها من جيل إلى آخر و على مدى عقود طويلة، إلى الحد الذي أصبح معه إسمها مقترنا بصناعة هذه الحلوى المغربية الأصيلة.
فيما عُرفت المدينة الحمراء، تاريخيا، برجالات أتقنوا صناعة الحلوى “الشباكية” بشكل متفرد و متميز، مما جعلهم معروفين محليا و وطنيا، و في مقدمتهم الحاج عبد الكبير بلكبير و المرحوم مولاي الغالي بن مولاي جعفر بعرصة موسى، و الذي كان يبيع يوميا خلال شهر رمضان ما بين 10 و 20 قصعة كبيرة من هذه الحلوى، إلى جانب الحاج الحسن السفناج بحي الداوديات، و الحاج التاقي بحي رياض الزيتون، و غيرهم من “المعلمين” الذين كانوا محسوبين على أصابع اليد، و إشتهروا بمزاولة مهنة بيع “السفنج”.
و يقول طارق بلكبير ابن “المعلم” الحاج بلكبير، في هذا الصدد، أن مزاولته لمهنة صناعة الحلوى الشباكية و مشتقاتها هو نابع من توارثه للمهنة من والده، الذي ينتمي إلى أسرة عريقة عرفت منذ القدم بحرفيتها في صناعة الشباكية و غيرها من الحلويات.
حيث أن الإقبال يزداد على الشباكية، و خاصة المعسلة منها خلال شهر رمضان، مبرزا أن الكثير من المواطنين يتساءلون عن السر في جودة هذه الحلوى، التي نحرص على الإحتفاظ بتحضيرها طيلة السنة، إلى جانب أنواع أخرى من الحلويات مثل “المقروط”، و الحلوى “الفيلالية” التي لا يتعاطى لها الكثير من بائعي الحلوى.
من جهته، قال محمد بلكبير (شقيق عبد الكبير بلكبير) بائع الحلويات التقليدية بسوق السمارين، في تصريح مماثل، أن مزاولة التجارة في مختلف أنواع الحلويات التقليدية و منها الحلوى “الشباكية المعسلة”، ورثناها عن آبائنا و أجدادنا الذين مارسوها منذ سنوات طويلة، مذكرا بأنه جاء إلى سوق السمارين الذي يتواجد فيه محل بلكبير منذ سنة 1961، الذي كان من المحلات الأولى لبيع الحلوى بمراكش، و أنه منذ هذه السنة و هو يبيع الحلويات المتنوعة، و في مقدمتها الحلوى الشباكية إلى جانب حلويات “المقروطط”، “لكريوش” و “المشبكة” و غيرها.
فأشار إلى أن الحلوى الشباكية التي يحضرونها لها زبنائها و تعرف إقبالا سواء من طرف المقيمين بالمغرب أو خارجه، طيلة الشهر الفضيل و السنة برمتها، و ذلك نظرا لجودتها، مضيفا أن “أبناء العائلة متشبثون بصناعة الحلوى الشباكية، حيث يزاولها أربعة من إخوانه، إثنان منهما لهما محلات تجارية للحلوى الشباكية و أنواعها بالولايات المتحدة الأمريكية، و هذا ما يؤكد إرتباطنا بهذه المهنة التي ورثناها عن آبائنا”.