عيد الأضحى مناسبة تستحضر خلالها الأسر المراكشية عادات و تقاليد عريقة

0 980

يمثل عيد الأضحى المبارك مناسبة سانحة بالنسبة للأسر المراكشية التي تحرص على استحضار مجموعة من العادات والتقاليد العريقة والمتوارثة بين الأجيال لإحياء هذا العيد الديني، بما يليق به من تقدير وإجلال، وأيضا بإدخال الفرحة والسرور على جميع أفراد الأسرة، سواء الكبار منهم أو الصغار.

حيث بهذه المناسبة، تعد الأسر المراكشية نفس الاطباق المميزة مع اختلاف بسيط في هذا اليوم المبارك، سواء تعلق الامر بوجبة الغذاء أو العشاء، فضلا عن تبادل الزيارات مع الاقارب والجيران، لتقديم التهاني، حيث يتم أيضا إعداد “أطايب الكبد” برهانا عن المغازي التي يحملها العيد، من ترسيخ أواصر المحبة، والتضامن والتآزر، وإدخال السرور خاصة على الأطفال، الذين يستمتعون كثيرا بأجواء اليوم الأول من العيد. وإذا كانت الاسر المراكشية قد دأبت على الاستعداد بما فيه الكفاية للاحتفال بهذا العيد المبارك، من خلال اعداد واقتناء اللوازم التي تتطلبها هذه المناسبة، كتحضير الحلويات والتوابل، فان يوم العيد يكون فرصة مواتية لإحياء واستحضار بعض العادات والتقاليد المتوارثة والتي سارت على دربها الأسر بالمدينة الحمراء، والتي تبتدئ بأداء الشعائر الدينية، من صلاة ونحر الأضحية، ثم تهيئ وجبة الغذاء التي تتكون بالأساس من كبد الخروف.

ففي هذا السياق، أوضح محمد ايت لعميم الاستاذ الباحث بكلية اللغة التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، في تصريح بهذه المناسبة، أن التقاليد المتوارثة وحدت غالبية الأسر في التعامل مع العيد بمفهوم التضامن والتكافل والتآخي داخل الأسرة، وايضا داخل الأحياء والحومات، مشيرا الى أن اليوم الأول من أيام العيد يستهل بأداء صلاة العيد، ونحر الاضحية التي تلقى عناية كبيرة من لدن افراد الاسرة خاصة الاطفال، لكونها مبعث فرح وسرور لهذه الفئة، فضلا عن كون اول وجبة يتم تناولها تكون من كبد الأضحية. وبعد أن ذكر بأن الاحتفال بعيد الأضحى مرتبط بمجموعة من العادات والتقاليد التي تختلف من جهة الى اخرى في المغرب، لكن يبقى لها قاسم مشترك في ما بينها، أكد الدكتور أيت لعميم، الناقد والمترجم والمهتم بالتراث، أن الأسر تكتفي بوجبة غذاء تشتمل على أطايب الخروف، المتمثلة في الكبد والرئة والقلب وبعض المكونات الداخلية له، حيث يتعالى الدخان داخل البيوت بشواء الكبد الملفوف بقطع من الشحم في قطبان من حديد والمرفوقة بخبر “البطبوط”، الذي تتولى تحضيره النساء.

كما أضاف أنه بعد أخذ قسط من الراحة بعد عناء الصباح ومتطلباته، يقوم افراد الاسرة بزيارة الاقارب، وهي من الطقوس التي دأب المراكشيون عليها حيث يلاحظ أن هناك حركة غير عادية في التنقل، وهم يرتدون ملابسهم التقليدية لزيارة بعضهم البعض، والتي تتميز بتقديم قطبان تتكون من قطع من الكبد الملفوف بشرائح من الشحم تعبيرا عن تقاسم لحظات الفرح والاستئناس بين الأسرة، وبين الجيران أيضا.

ليستطرد قائلا أن ربات البيوت دأبن على تحضير وجبة عشاء خفيفة تتكون من الأحشاء (التقلية)، مشيرا إلى أن هذا يدخل في إطار نوع من تدبير التعامل مع اللحم في ذلك اليوم، لأن أكلة الصباح تكون دسمة، أنها تتكون من “بولفاف”، وهو عبارة عن الكبد والقلب والرئة المقطعة لقطع صغيرة الملفوفة بشرائح الشحم المقطعة والمشوية بعناية فائقة مما يمنحها مذاق ونكهة مميزة.

في الختام،  أكد أن عيد الأضحى مناسبة للتضامن و التراحم و التآزر مع الفقراء، مضيفا أن العيد له أصول ثابته شرعيا وعادات توارثها المغاربة أبا عن جد، والتي تجسد عراقة الحضارة المغربية وتجذرها، حيث إن المغاربة كانوا وما زالوا يعتبرون هذه المناسبة لحظة فرح. وعلى الرغم من التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي، والتي أضحت معها بعض عادات وتقاليد وطقوس العيد تحضر بشكل محتشم عند بعضها لأسباب متعددة، فإن غالبية الأسر المراكشية ما تزال تحرص على المحافظة خلال أيام عيد الأضحى المبارك على هذه الطقوس، التي تميزه عن غيره من الأعياد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.