قيم التضامن والتآزر تتجسد بساحة جامع الفنا خلال شهر رمضان
تتجسد في ساحة جامع الفنا العريقة بالمدينة الحمراء، قيم التضامن والتآزر، في أبهى صورها وتجلياتها، خلال شهر رمضان الكريم، سواء مع الأسر المحتاجة أو الأفراد في وضعية هشاشة، حيث يقصدونها، باستمرار، قبل حلول وقت الافطار، للاستفادة من وجبات غذائية يتم تقديمها بهذه المناسبة.
وإلى جانب أدوارها الاقتصادية والثقافية والتنشيطية والترفيهية، اضطلعت هذه الساحة، المصنفة تراثا ثقافيا للإنسانية من طرف اليونيسكو سنة 2008، عبر تاريخها العريق، بأدوار اجتماعية وإنسانية، لا تقل أهمية عن أدوارها الأخرى، إذ تشكل الوجهة المفضلة للعديد من المواطنين وزوار المدينة الحمراء، لتناول وجبات إفطار متنوعة، ومتوفرة بأثمنة مناسبة جدا، وفي متناول الجميع، وأحيانا مجانية، بمبادرة من بعض المحسنين.
ويكون أصحاب المطاعم المتنقلة، التي تؤثث هذه الساحة، وهي أيضا أول موقع يتم إدراجه في قائمة التراث الشفوي واللامادي للإنسانية، والبالغ عددها حوالي 64 “جلسة” للمأكولات، على أتم الاستعداد قبل حلول وقت الافطار لعرض مأكولاتهم المتنوعة للزوار، مع الحرص على إطعام العديد من المحتاجين بدون مقابل، مما يعكس مدى التضامن والتكافل بين المواطنين، ويبرز المكانة التاريخية والبعد الاجتماعي لهذا الفضاء المميز.
وبسبب الآثار السلبية الناجمة عن جائحة كوفيد 19، توارى عن ساحة جامع الفنا، بعض الشيء ذلك الطابع الذي ظل يميزها خلال شهر رمضان، حيث كانت فضاء لمبادرات المحسنين الحريصين على تنظيم إفطار جماعي للمحتاجين، وكذا لزوارها، من خلال تكليف باعة مختصين في هذا المجال من داخل الساحة لتحضير وجبات الافطار، التي يكون طابقها الرئيسي حساء “الحريرة” والتمر وقطع من الحلوى المغربية “الشباكية”، ما يجعل الساحة بعد آذان المغرب، مطعما كبيرا مفتوحا للمحتاجين، وزوار الساحة للاستمتاع بأطباق وأكلات متنوعة، في أجواء مطبوعة بقيم التضامن والتكافل.
وفي هذا الصدد، أعرب رئيس جمعية تجار وحرفيي سوق الجديد بساحة جامع الفنا عبد الحق بن الخدير، في تصريح للصحافة، عن أسفه لغياب الإفطار الجماعي الذي كان يميز الساحة سابقا، مشيرا الى أنه على الرغم من ذلك ما يزال هذا الفضاء التاريخي يحافظ، خلال هذا الشهر الفضيل، على بعض من هذه الخصائل التضامنية، مبرزا أن أصحاب بعض “جلسات الأكل”، لاسيما تلك المتخصصة في حساء “الحريرة”، بتخصيص جزء منها للمحتاجين وللذين يقصدون الساحة للإفطار، وذلك حفاظا على هذه العادة القديمة التي سار عليها هؤلاء الباعة، لتبقى الساحة محافظة على الحس التضامني المتوارث.
وأشار إلى أن جامع الفنا تعرف خلال وقت الافطار حركة دؤوبة بسبب الإقبال الكبير عليها من قبل زوارها سواء المغاربة أو الأجانب، والذين تفضل أعداد كبيرة منهم الإفطار بأحد المطاعم المتنقلة، وقضاء بعض الوقت في هذا الفضاء، الذي تتواصل فيه هذه الحركة إلى ما بعد منتصف الليل بقليل.
وسجل، من جهة أخرى، أن مرتادي هذه الساحة من الأجانب يقبلون كثيرا على أكلة “باولو” والطنجية المراكشية علاوة على اهتمامهم بمجموعة من الأكلات المقدمة بهذه المطاعم المفتوحة، في حين يفضل زوار الساحة من المغاربة، كثيرا، تناول لحم رأس الخروف وشربة الحلزون و”خودنجال” المحضرة من مجموعة من التوابل، فضلا عن الاقبال على الطاجين المغربي المحضر بطرق مختلفة سواء بالنسبة للسياح الاجانب أوالمغاربة، الى جانب وجبة السمك.
وخلص بن الخدير الى القول إن ساحة جامع الفنا، التي تقوم بتنشيطها خلال هذه الفترة فرق عيساوة والحكاواتيون و”ناس الغيوان”، استرجعت حركتها العادية وحيويتها التي فقدتها بسبب جائحة كوفيد 19 ، وخاصة مطاعمها المتنقلة، وأيضا المقاهي المحيطة بالساحة التي تكون مكتظة بالزبناء.
وكالات