ظاهرة نفسية غريبة تهدّدُنا

0 400

عبد السلام
ظاهرة نفسية غريبة يلمسها كل من حضر اجتماع أو لقاء معين، لماقشة موضوع معين، أو مشكلة ما.
يجتمع الحاضرون، ويناقشون المشكلة المقترحة- أزمة السكن، أزمة النقل، أزمة الهدر المدرسي….، وخذ ما شئت من المشاكل، فتجد من حضر للجمع يناقش القضية المطروحة،  حتى لَيُخيل للناس أن القضية ستحملنا على نسف الجبال، وبذل النفيس والمال من إجل إيجاد الحل للمشكلة،
خذ مثالا: حادثة انهيار عمارة على ساكنيها، ما ذا يقع؟ برقية تعزية لذوي الضحايا، زيارة لجنة وزارية لمكان الحادث، تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، تقديم مقترحات وحلول، ومع مرور الأيام يخفت بريق تلك اللجنة، وتقل فعاليتها، في انتظار حادثة أخرى ، وهكذا دواليك مع باقي الأزمات التي تُنَغِّص حياتنا، وتُقلق راحتنا، و تَعترض تقدمنا ونهضتنا.
وحتى إذا ما باشرت هذه “اللجنة الموقرة” عملها، تجد أحدهم يتغيب، والأخر يتأخر، والثالث يتراجع عن حماسه، و”إذا ما بدأت اللجنة عملها، فتجد العمل يخرج من بين يديها ناقصا غير تام- وهذا في الغالب الأعم- وأسلوب أدائها خِلوٌ من العاطفة الحارة، بله العقيدة الدافعة “بله الاتقان. حتى لَيُخيل لمن رأنا،أننا ممثلون، لا نأخذ أجرا.
بل الأخطر من هذا رأيت بعض الموظفين، على مكتبه جالسا بادئ السآمة، يجيئه الناس لحاجاتهم، فيُرجئ ما يشاء، ويهمل ما يشاء، حتى إذا اقترب وقت صلاة الظهر، أو الجمعة، شرع يستعد لها قبل الأوان،،  وربما انصرف ولم يَعُدْ، فهو في اعتقاده أن العبادات المأثورة دين، والأعمال المدنية التي نؤديها ليست عبادة إلا على سبيل التَّجُوز !!!
مع العلم أن “إنجاز مصالح الناس في أخصر وقت، وعلى أحسن وجه دين، وهو واجب كباقي العبادات.
قلت في نفسي لا قيمة لأحدث الآلات والتقنيات، وأحسن القوانين في الإدارات والمرافق العامة، إذا تولى  هذه الإدارة وهذه المرافق، قلب خَرِِبٌ، وفؤاد مستوحش مقطوع عن الله، مولع بشهواته ومصالح نفسه
فعلمت أننا بشر- في المغرب نموذجا- تنقصنا موهبة الإتقان، وأن أمامنا أشواطا واسعة من التدريب، حتى تكتسب أيدينا المهارة المطلوبة، وتتربى أنفسنا على الإجادة والإتقان.
وما حققت الأمم نهضاتها، إلا لأنها استطاعت أن تستثير قوى النفس، وجعل أبنائها وموظفيها كخلية النحل نشاطا ونظاما..
فهل نحن نربي الآن في مجتمعنا المسلم الشخصية المسلمة التي تهتم بإتقان أمور الحياة كلها؟ فردية أو جماعية؟ وهل سبب تخلفنا وتأخرنا يرجع إلى فقدان هذه الخاصية؟ وما قيمةالشعائر والوسائل التعبدية التي لا تغير في سلوك الإنسان ونمط حياته ووسائل إنتاجه ؟
 
 
فالعامل والموظف المسلم، مُطَاَلبٌ بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي؛ لأن كل عمل يقوم به المسلم بنية العبادة هو عمل مقبول عند الله يُجازى عليه سواء كان عمل دنيا أم آخرة. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. (الأنعام: 162-163).

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.