الربيع العربي و رهان الاتحاد المغاربي في مخيلة النخبة ” عبد الله العروي ج1″
أسال الربيع العربي مداد العديد من المفكرين و باحثين من مختلف التخصصات، نقاش أعاد للواجهة مجموعة من القضايا التي ظلت عالقة مند سنوات، و حتى إذا تمت إثارتها فليس من قبيل إيجاد حلول لها بل يدخل ذلك ضمن مواد الأجندة و البرمجة الحزبية لهياكل المشهد الحزبي بالمغرب .
ذلك أن كل تيار يحاول تلميع صورته باقتراح مجموعة من الحلول النظرية ، ليتضح بعد ذلك أن أجرأتها تسفر عن مفارقة كبيرة تنم عن جهل بخصوصيات هذه المشاكل ، غير أن الأمل في التعامل بواقعية معها لا يمكن بالضرورة أن يصدر عن الجهات الرسمية بقدر ما يمكن أن نلامسه في تصورات النخبة للمرحلة ،عندما تخرج عن صمتها و تشارك باقي شرائح المجتمع ما يجول بمخيلتها .
و في هذا السياق يأتي ما قاله الأستاذ عبد الله العروي في حوار أجراه مع مجلة زمان وإن كان قد مضت بضعة أشهر عن الحوار فإن مضمونه ظل يعاني التعتيم ،و المتتبع لأشواط الحوار في مده و جزره يعطي شرعية التساؤل عن: إلى أي حد تعتمد الدولة المقاربة التشاركية في توجيه السياسة العامة ؟ ألا يجدر بالمؤسسة الدبلوماسية أن تأخذ بعين الاعتبار مواقف النخبة في مقاربتها و تدبيرها للملفات الخارجية ؟
هذا المفكر الذي يميل إلى وضع النقيض بين النخبة و الدولة و الشعب ، مؤرخ يتأرجح في موقعه بين من يراه من جذور الحركة الوطنية ، مؤرخ مغاربي ، مؤرخ الملكية . فيلسوف يختزل و يحمل هم الدولة و مصالحها ، مزيج من هذا و ذاك يؤسس لصاحب الجهاز المفاهيمي ، الدولة ، الحرية ، التاريخ ،…و الذي يشاطرنا وجهة نظره حول المغرب و الاتحاد المغاربي في الماضي و الحاضر على ضوء المستجدات العربية الراهنة ، يدعوا العروي إلى ضرورة مراعاة البعد التاريخي قبل بلورة أي استراتيجية مغر- دولية . كما يدعوا الى استحضار الماضي ليس لاستشراف المستقبل و حسب بل للتعمق اكثر في فهم الواقع “الحاضر” واقع اراه مرير يغديه الاحتقان الاجتماعي و الملفات العالقة دون اجابات شافية سواء في الصحة ، أو السكن ، أو التعليم ، أو التشغيل و ما يكرس لذلك في هذا الاخير ، عندما نلقي نظرة على جموع حاملي الشواهد العليا بالرباط ووثيرة تزايدهم بعد أن انظافت مجموعة الوحدة للأطر العليا المعطلة لهذه السنة كإمتداد موضوعي لسابقتها على مستوى المطالب .
و عموما نسعى بدورنا من خلال هذه الترجمة المتواضعة إلى تحيقيق صلة الوصل بين المجتمع و أفكار نخبه و إليكم نص الحوار في جزءئيه الاول والثاني ،على اعتبار أننا كنا قد ختمنا الجزء الاول منه بتوصية قضت بضرورة إكمال هذا العمل .
السؤال الأول : من بين كتاباتك الأولى نجد مؤلف “تاريخ الإتحاد المغاربي ” لماذا تاريخ الاتحاد المغاربي و ليس تاريخ المغرب ؟ و متى كنتم تؤمنون بمستقبل يتحقق فيه الاتحاد المغاربي ؟
عبد الله العروي : لا، السبب بسيط كنت ألقي درسا في جامعة أمريكية حول تاريخ “الاتحاد المغاربي ” لأن منظمي المحاضرة طلبوا منا الحديث عن منطقة (أوربا ، أفريقيا ، أمريكا الشمالية ) عوض الحديث عن بلد واحد . لكن تخصيص درس للإتحاد المغاربي كان في حد ذاته تطورا لأنه تمييز لهذه المنطقة من شمال إفريقيا عن باقي الشرق الاوسط .
و بالحديث عن الاتحاد المغاربي نحن نحاول أو نوهم أنفسنا ، فاتحاده يدخل ضمن الجغرافيا في حين أن هذا ليس مؤكدا تماما فإتحاد بلدين مثلا يتطلب قاعدة من العناصر المشتركة (أصول لغة دين ثقافة …الخ ) . لكن هذا لا يكفي إذ يجب أن تحقق إرادة سياسية ، و حتى إن وجدت هذه الارادة السياسية و تحقق الاتحاد فهذا يظل هشا و مهددا بالتلاشي كما هو الشأن في نموذجي الاتحاد السوفياتي و يوغوسلافيا على سبيل المثال ، فعندما يتحدث مؤرخ عن الاتحاد المغاربي يكون واجبه تذكير السياسيين على وجه الخصوص أنه لا شيء مستحيل كما لا شيء محتم الزوال أو البقاء .
الاتحاد المغاربي لا يكون و لن يكون إلا إذا قررنا هذا نحن كمغاربيين . يقال أن الاتحاد رهين بالوضع الاقتصادي لكن هذا قيل في علاقة مع التجربة اليوغوزلافيا ، لكنه لم يكن كافيا .و على سبيل المثال ألف المؤرخ الكبير هنري بيرين كتابا ليبرهن على أن اتحاد البلجيكي ليس تمرة حسابات دبلوماسية و إنما هو أمر تاريخي مند الغزوات الرومانية إلى غير ذلك ، و مع هذا رأينا كيف تلاشى و تهاوى ذاك الاتحاد أمام أعيننا .
السؤال الثاني : جاك لوكوف ألف كتابا سنة 2003 بعنوان : هل ولدت أوربا في العصور الوسطى ؟ أشار في هذا الكتاب إلى وجود إرادة ” كرولنجية ” ساهمت في بناء أوربا قبل أوانها ، هل يمكننا القول بأن الاتحاد المغاربي أيضا وليد العصور الوسطى إذا تحدثنا عن إرادة “موحدية “؟
عبد الله العروي : تحدث جاك لوكوف عن أوربا أخرى غير هذه التي أسسها الاوربيون بعد الحرب العالمية الثانية و التي تعتبر مهددة اليوم بالتلاشي هي الاخرى .
فتلك كانت إمبراطورية مؤسسة على ثنائية ” الايمان و السيف ” كما كانت كذلك الامبراطورية الأموية أو العباسية .
هنا أيضا يجب التذكير بحادثة تاريخية ، قد يحدث أن سلطة جديدة تسعى من أجل كسب الشرعية تسعى إلى إعادة إحياء إتحاد ميت أو متفكك ، و هذا ما حاول السعديون القيام به أرادوا إعادة إحياء الامبراطورية الموحدية لكن في إطار جغرافي أخر مختلف حيث لم يكن في مقدورهم إقحام الاندلس ” المفقودة ” و لا ” الشرق المغاربي ” الذي سقط في يد العثمانيين ، فالتفتوا إلى الصحراء و هذا أعطى تصورا جديدا للفضاء المغاربي .
السؤال الثالث : و ما هو هذا التصور إذا ما أردنا تمييزه عن التصور الجزائري مثلا ؟
عبد الله العروي : عمليا هو التصور الذي كان يحمله الحسن الثاني .
السؤال الرابع : و ما هي النقاط الأساسية في هذا التصور ؟
نتحدث عن الرؤية السعدية أليس كذلك ؟ إنها رؤية المغرب المتجه نحو الصحراء مع مراعاة المصلحة في الذهب السوداني ، بوجود مصالح عدائية مع المصالح الاسبانية ، و تقارب إن لم نقل تحالف مع بريطانيا و هولندا.
قام مؤرخ نيجيري بوضع اطروحة دكتوراه حول السياسة الخارجية للسعديين ارتكازا على وثائق بريطانية من زمن “اليزابيث الاولى “، العلويين و خصوصا المولى إسماعيل لم يتجه نحو الشرق في حين أن السلطة العلوية مع المولى رشيد قد انطلقت من تافيلالت و بدأت فتحها للمغرب من الواجهة الزناتية .
الاتحاد المغاربي ليس له أي سند لا جغرافي ، و لا تاريخي ، هذه إمكانية و اطروحة تتطلب إجماع و رغبة سياسية و شعبية قوية (من طرف الشعب و المسؤولين ).
السؤال الخامس : هل تتوقعون أن تكون هناك رغبة سياسية قوية في هذا السياق ؟
عبد الله العروي : كل شيء ممكن .
السؤال السادس :بالعودة إلى كتابك حول المغرب الكبير ، هل كان رد فعل اتجاه إفريقيا الشمالية حسب شارل أندري جوليان ؟ هل رؤيتكم للمغرب فيدرالية كتلك التي يتبناها الطلبة المغاربيين في فرنسا أو مختلطة كالتي في القاهرة ؟
عبد الله العروي : من أجل إزالة الغموض سأقول إنه لو طلب مني اليوم كتابة قصة تاريخ للمغرب الكبير فسأرفض ، سأتحدث عن المغرب فقط و أترك للآخرين الحديث عن بلدانهم كل من جهته عن بلده .
السؤال السابع : و لماذا هذا الخيار اليوم ؟
إستحالة أو تعذر تحقق الاتحاد المغاربي، هناك خلط بين اختلاط بعض من النخبة و بين اختلاط أو إندماج الشعوب ، هذا ممكن في مناطق أخرى غير المغرب الكبير ، خطاب النخبة الأوربية مثلا مرفوض من طرف الجميع أي الشعوب ، و هذا يفسر أن تقارب النخبة لا يعني تقارب الشعوب .
السؤال الثامن : لكن الفضاء المغاربي الذي تتحدث عنه لم يكن مغلقا بل كانت هناك حرية للمرور ….
عبد الله العروي : هذه هي الصورة التي يحلو لنا رسمها ، لكن في الواقع ، في زمن ليوطي لم يكن المرور بين المغرب و الجزائر سهلا ، حيث كان يسعى ليوطي إلى عزل المغرب و عندما عوضه تيودورستيغ المقيم العام بالجزائر سابقا ، و أراد هذا الأخير ربط المغرب بالجزائر و جد مقاومة شريفة و رفض من لدن فرنسيي المغرب .
السؤال التاسع: لكن نعلم أن الحدود مع الجزائر لم تكن واضحة و كانت هناك روابط و مصالح مشتركة و بالخصوص كانت هناك نوع من الحرية في التنقلات ….
عبد الله العروي : نعم لكن هذا لا يعني شيئا فحتى اليوم ليست هناك رقابة على التنقلات
السؤال العاشر : لكن هذا أي عبور الحدود لم يعتبر جنحة أنداك ؟
عبد الله العروي : لكن هذا لا يعكس الواقع السياسي ، يمكن أن تتخذ قرارا سياسيا لكننا نفتقد القدرة للسيطرة على ما يجري في أرض الواقع و هو نفس الشيء الذي يحدث على الحدود مع الجارة موريطانيا . و لكي أختم هذه المقدمة فالسياق الذي دونت فيه كتاب المغرب الكبير في 1969 كان سياقا مختلفا تماما عن اليوم لم تكن الدولة الوطنية مبنية بشكل قومي.
السؤال الحادي عشر : هذه ظاهرة خاصة بكل الحدود ….؟
عبد الله العروي : تماما و لكي لا أقع في التكرار فإنني إذا كنت قد كتبت عن المغرب الكبير فإن هذا في سياق أخر .
لم يقف الحوار عند هذا الحد بل أن الاستاذ عبد الله العروي المتدرج في سلم الكتابة التاريخية الجادة أقحمنا في وجهة نظره للتحولات التي تعرفها المنطقة فيما يتعلق بهبوب رياح الربيع و عصفها بالأنظمة الغير المتجدرة ديموقراطيا و تهديد اخرى و ظهور تشكيلات حكومية بقواسم مشتركة لنجد أنفسما أمام سؤال مع العروي و محاوريه حول إلى أي حد يمكن لهذه المتغيرات أن تخدم قضية الوحدة المغاربية ؟ و هذا ما سنكشف عنه في هذا الجزء الثاني من هذا الاسهام في اتجاه تقارب الرؤى بين النخبة و مختلف فئات المجتمع .
السؤال الثاني عشر : مفهوم المغرب الكبير هذا كان ممكنا في الماضي لكن ماذا يعني لك اليوم هذا الخيار؟و عندما نقرأ عن رؤيتك للتعريب نفهم أنها تدخل في إطار رؤية لعالم عربي موحد ، تكون فيه اللغة العربية الكلاسيكية لغة للتواصل إذا ماهي الخلفيات السياسية لهذا التصور ؟هل كانت رؤيتك مزدوجة أو فيدرالية ؟
عبد الله العروي:أنداك كان حلمي مشروع وحدوي عربي أو مغاربي .لم يكن محط إجماع ،كان رغبة و ميول شخصي، تمنيت هذا لكنني لم أناضل أو ادافع عن تحقيقه. و كغيري من أبناء جيلي كان لدي وعي بالسياسة الواجب اتباعها لتحقيق أحلامنا، و كنا نعرف في نفس الوقت أن الواقع كان شيئا أخر .أما خيار التعريب فكنت أميل إليه لكونه في نظري الطريقة و الوسيلة المثلى لمحاربة الأمية .
السؤال الثالث عشر: في سنوات السبعينات هل كان اختيارك في كتاباتك بالمرور إلى فكرة الدولة /الأمة هل اختيارك ناتج عن مرارة ما ؟
عبد الله العروي: لا و إنما لأنه يتطابق مع الواقع، صحيح أنه قد عرفنا بعد عشرة سنوات من الاستقلال بناء الدولة /الأمة (الدولة لقومية ) و هذا بدا مند حرب 1963بين المغرب و الجزائر .
ابن بلا كان يتحدث كجزائري و الحسن الثاني كمغربي ،كان وراء كل واحد منهما أغلبية الشعب ، لكن كانت النخب أيضا كذلك ؟
السؤال الرابع عشر : في رأيك هل أبعد بن بركة في ذلك الوقت ؟
عبد الله العروي: هذه الاسئلة لم تعد لها أهمية كبرى في هذه الايام …؟
السؤال الخامس عشر:لكن خياره كان وحدويا….؟
عبد الله العروي: كان سيكون لهذا الخيار معنى لو أنه تم في المغرب و من المغرب، و أنداك كان سيكون بمقدورنا الحكم على مدى تأثيره في الواقع.
كل ما قلته يجعل من المستحيل ، ليس فكرة المغرب الكبير و إنما الفكرة التي يتصورها البعض و التي لا تجد لها أي سند اليوم .
فكرة المغرب الكبير كانت في الماضي عندما كان أكثر من نصف الساكنة يعيش في الأمية و تؤطره نخبة قاصرة أو محدودة ،لكن هذا تغير مع المجهودات التي بذلتها الدولة/ الامة (الدولة القومية ).
أصبحت الشعوب أكثر وعيا بحقوقها و اختلافاتها ، كما أن النخب اختلفت أيضا ، لم يعد فقط من الصعب أن يقول مغربي ” أنا عربي و انتهى (نقطة نهاية )” و لكن من الصعب أيضا القول ” انا مغاربي و انتهى ( نقطة نهاية )”
السؤال السادس عشر :يبدو أنكم تتصورون التاريخ كأنه يصنع من الأعلى و لطالما عوتبتم على تجاهل القبيلة ..؟ألم يكن لها أي دور في تاريخ المغرب ؟
عبد الله العروي: هل هو ذنبي إذا كانت القبيلة بكماء . من السهل أن نتحدث عنها كما نريد، لكن لم تكن لي يوما الرغبة في لعب هذا الدور ليست القبيلة التي تصنع التاريخ بشكل ايجابي ، يمكنها أن تصنعه بشكل سلبي.
رأينا كيف أن شباب 20 فبراير ليسوا هم من وضعوا الدستور الذي سيكون موضوع دراسة المؤرخين المستقبليين . لقد أكد كثيرا مؤرخو الثورة الفرنسية على دور الجماعة …إلى أخره لكنهم اهتموا أكثر بمؤلف الدستور لأن هذا الدستور يترك ألاف من الوثائق بينما أقوال الجماعة (المتضاهرين ) تذهب أدراج الرياح .
السؤال السابع عشر:ألا يرسم اليوم أو يتكون المغرب الكبير بشكل سلبي مغرب الجمعيات، مغرب الطلبة ،مغرب النساء، مغرب الاسلاميين …الذي لا يعبر عن الدولة؟ هذا البناء القاعدي للمغرب الكبير ألا يكون مجديا ؟
عبد الله العروي :يصعب علي أن أتبنى منطقا أخر غير منطق الدولة ،هذا يتماشى مع تكويني و ميولي الفطري ،لم أكن يوما عفويا حتى عندما كنت طالبا ، لطالما دافعت عن هذه الاطروحة ضد متبني أفكار من نمط تصرفات روزا لوكسمبورغ على وجه الخصوص.
السؤال الثامن عشر : هل ترى أننا في الطريق الصحيح نحو تأسيس “اتحاد مغاربي محتمل ؟؟
عبد الله العروي : الخطورة تكمن في امكانية أن نخسر الكثير مما حققناه في حالة الاندماج في اتحاد . أنا لا أريد أن أفهم على اني ضد فكرة اتحاد المغرب الكبير ، لكن هناك حقائق لا يمكن نكرانها كما لا يمكن أن نغفل عن كون الحديث عن الاتحاد يأتي فقط من طرف المغرب و هناك ايضا نسبة من عدم التفاهم بين البلدين ، ليس فقط بين الدولتين بل حتى بين المجتمعين و هذا له دلالة و ليس عشوائيا أو تافها في تاريخ العلاقات الدولية .
السؤال التاسع عشر:كان للحركات الاسلامية صدى في كل بلدان القطب المغاربي .ألا يعني هذا أن الشعوب متقاربة و تسير في نفس المسار ؟
عبد الله العروي :لكن ماهي خصائص هذه الحركات ،كل واحدة في إطارها الوطني؟ لحد الأن لا أرى أي شيء يمت بصلة للإسلام من قبل حكومتنا التي هي نتاج توافق ، فعلنا نفس الشيء مع حكومة اليوسفي حينما نسينا أنها حكومة توافق ، يجب الحكم على هذه الحكومة من خلال أفعالها و ليس من من خلال أقوالها أو ما كانت تقوم به فيما مضى .
السؤال العشرين :هل تفاجئت من الخطوة التي اقدمت عليها الدولة ؟
عبد الله العروي: نعم، كنت أفاجؤ في كل مرة بسرعة اتخاذ الاجراءات التي تمت ، لقد تابعت على الاقل النصف الثاني من حكم الحسن الثاني الذي كان يتصرف بفطرة و لم تكن هناك خطوة من خطواته لم تدهشني، كانت خطوات غير متوقعة .
السؤال الواحد و العشرون:ألا ترى أن بنية الملكية في المغرب قد تكون عائقا أمام الاتحاد المغابي؟؟
عبد الله العروي :إذا كان هذا رأي جيراننا فلن نستطيع تغييره
الملكية ضامنة للاستقرار خاصة أنها تفرق بين الديني و السياسي.
السؤال الثاني و العشرون:هل تؤيد مطلب الملكية البرلمانية ؟
عبد الله العروي: أؤيد ملكية دستورية تحافظ على مشروع الحداثة و تقف في وجه الدعوات و الافكار المحافظة التقليدية .
السؤال الثالث و العشرون: لماذا لا تبدأ المشروع المغاربي بالاقتصاد؟
عبد الله العروي: هذا ما نتحدث عنه يجب البدء بتصفية المشاكل التجارية الاقتصادية و شيئا فشيئا يتم التنسيق في باقي المجالات .
باختصار يمكن مغربة كل ما له صلة بإدارة الأمور و نؤجل ما له علاقة بسياسات الاشخاص . ندع السياسة جانبا .
السؤال الرابع و العشرون: في رأيك ما الذي عرقل التطور الذي تحدثتا عنه ؟
عبد الله العروي: لا أظن أن النظام الملكي هو السبب و إنما سياسة النخب من بلد لأخر على اختلاف كبير .
السؤال الخامس و العشرون:يبدوا أنكم ترون دائما في الملكية مصدرا التغيير و قيادة المجتمع …؟
عبد الله العروي : ليس من الخطأ إذا ما رأينا غالبية الشعب و ليس الاقلية المسيسة .
كان البعض يرى أن سياسة تهميش المشاكل المتعلقة بالتربية كانت عائقا . اذا كان الامر كذلك فلماذا استمرت الملكية على نفس النهج ؟ لأنها حاولت تغيير هذا الوضع لكنها لم تجد اعتراض من قبل المجتمع نفسه .
السؤال السادس و العشرون:ما تصورك لمشكل الصحراء في المغرب الكبير الذي تتصوره ؟
عبد الله العروي: الجزائر تستغل مشكل الصحراء كأداة ضغط سياسي مستفيدة من ضغط دول أخرى لا تفهم جيدا مقترح المغرب لأن لها بنية مختلفة و تجربة تاريخية مختلفة و لكن أظن أن تصور الجهوية الجديدة يمكن أن يحل المشكل خاصة إذا تبنت الجزائر فكرة الجهوية كما المغرب . و لما لا يكون اتحاد مغاربي على أساس جهات لها قواسم مشتركة من حيث مصالح التنمية . عن طريق الجهة يمكن للدولة أن تتعايش مع تنظيمات أكثر فيدرالية .
ختاما فرضت علينا الامانة العلمية التزام الحياد في التعامل مع النص الاصلي ،ووقفنا في خط حدي في تماس مع ما نختلف فيه مع العروي إن على مستوى الاديولوجي أوالسياسي في ما يراه هو من الأوعية صائب لاحتواء ازمة المجتمع المغربي البنيوية وقيادته ولم نجرأ على اقحام وجهة نظرنا بحيث قبلنا لعب دور الوسيط بين العارض و المتلقي على أن نستنطق لا وعي النخب عندما تخرج عن دائرة النخبوية في القول، و تتجاوز حدودها لتلامس و تقفز في كل ما هو متاح لها ، وتخلط بين المناط بها نظريا و ممارسة و بين النقيض لتدخل مجال التعارضات و تنتصر للأخير عن الأول مستغلة تمثلها في ذهنية شرائح عريضة من المجتمع . وذلك لرسم معالم المستقبل في قالب يجعل من الماضي ماثلا في الحاضر لتقرير مستقبل لا يختلف عنهما في شيء بحيث يظل الثابت في المؤسسات و مكنزمات تدبيرها تابثا بينما يتغير الفاعلون تبعا لسيرورة الزمن …. على أننا ملتزمون بالتتبع لا ملزمون بالتقيد بالجاهز من الفكر.
فللعروي رأي يحترم كما لنا الحق في الاتفاق أو الافتراق حول مضان نتاجه، ولا نحاول بأي شكل من الاشكال زحزحة من يرى فيه نموذج النماذج (براديغم ) يجب الاحتذاء به بقدر ما نتوخى أن لا يكون كل من يحدو صوب هذا أرثدوكسيا في تعاطيه أو تبنيه لأي مما ورد عنه.