وصاية سناء على المغاربة
قامت من أمام مكتبها الوثير و هي تداعب خصلات شعرها القصير المصبوغ متجهة نحو شرفة مكتبها المطل على شارع راق من شوارع الدار البيضاء، كان عقلها يدور مفكرا باحثا عن ديباجة مناسبة لموضوع عمودها.
بعد لحظات من التأمل و التفكير العميقين، احتلت محيى سناء الطفولي ابتسامة عريضة بعد أن اهتدى عقلها إلى توطئة مناسبة لموضوعها المثير المتوافق و المواضيع التي يمليها خط تحرير جريدتها الفرنسية الولاء: جنس، تحرر جنسي، عقلية الرجل، علمانية…
عادت إلى مكتبها، أخذت رشفة أو رشفتين من قهوة الصباح، ثم راحت ترقن موضوعها بعناية فائقة و بأسلوب شاعري يلاعب العواطف بعدما أدركت بفطنتها رغم حداثة عهدها بالصحافة أن حلول شهر رمضان سيكون فرصة لخروج اللادينيين، على قلتهم البالغة، لاستفزاز المغاربة بتعاليق مقززة عبر مختلف شبكات التواصل الاجتماعي.
بعد أن انتهت سناء من رقانة موضوعها، رفعت سماعة هاتفها متصلة برئيس التحرير طالبة مقابلته قصد عرض موضوعها عليه.
استئذان سناء لم يكن سوى من باب اللباقة فهي تعلم علم اليقين أن طلبها لا يرفض و أن باب رئيسها مشرع أمامها على الدوام.
انتقلت على وجه السرعة إلى مكتبه، تبادلا سلام الوجه، ثم ناولته موضوعها في كثير من الثقة و الاعتزاز.
اخذ رئيس التحرير نظارته، قرأ المقال في تمعن كبير، ثم طالعها بابتسامة عريضة و لسان حاله يقول: تسلم يدك.
سناء تحظى بتقدير خاص من محيطها ما دامت مخلصة لإيديولوجية جريدتها فتكوينها الغربي و قناعاتها المتحررة كانا أهم مفاتيح دخولها الجريدة فهي تعشق كانط وغارقة حتى الثمالة في حب فكر فولتير و فكر كثير من الفلاسفة اللادينيين أما أسماء بن تيمية و الحسن البصري و غيرهما من أطواد الفكر الإسلامي فهي بالنسبة لها مجرد شخصيات كرهتها قبل أن تعرفها و حتى عندما تعرَفت عليها لم يكن ذلك إلا من خلال كتابات أساتذتها و ما نقلوه لها عنها لذا فمجرد ذكر هذه الأسماء أمامها يبعث فيها مزيجا من الاشمئزاز و الغثيان.
نفعية سناء كبيرة بالنسبة لجريدتها الفرنكوفونية الولاء ذلك أن حجم استفادة المؤسسة المالكة من ملايين الإشهار رهين بمدى قدرة الجريدة على اقتحام حميمية المغاربة و النأي بهم بعيدا عن كل أشكال التدين و ضروب التمسك بالمبادئ لذا فاختيار طاقم الصحيفة فيه كثير من الفطنة و الاحترافية طالما أن الصحيفة تفتح ذراعيها أمام خريجي المدارس الغربية المناهج الحاملين لقيم التنكر و الانسلاخ بل و المتبجحين بالتطاول على كثير من المبادئ المحافظة الراسخة في نفوس و قلوب المغاربة.
جلَ كتابات سناء تفتح النار على الدينيين و المحافظين و تطبل للعلمانية و الإسفاف، فمنظر النساء المحتجبات مرفوض لديها مسيء للذوق الحضاري و يدخل في خانة التخلف أما سفور النساء فأمر مرغوب محبَب عندها، و المرأة المتعددة علاقات غرامها في نظرها متحررة و مستقلة بذاتها.
جرأتها فتحت باب الإعلام على مصراعيه أمامها. صارت ضيفة لطيفة مرغوبة لدى بعض المنابر المقاسمة لفكرها ثقيلة على شرائح عظيمة من المغاربة.
غدت سناء ورقة رابحة في أيدي صناع العلمانية بالمغرب،أولئك المتحكمين في كثير من دواليب الاقتصاد و السياسة و المتوارين خلف مكاتبهم المكيَفة. فسناء قادرة على النطق في كل المواضيع حتى تلك التي استعصت على كبار المفكرين. فهي تخال أنه يكفي رفع صوتها و تحريك يديها في كل ناحية و تقطيب حاجبيها علامة على الفهم العميق لتغليب حجتها الواهنة الضعيفة.
حركات سناء المحسوبة و غير المحسوبة أثار انتباه مخرجي السينما المتحررين على شاكلتها و المستفيدين من إكراميات المتحكمين في دواليب الاقتصاد و السياسة. هدفهم صنع وجه أنثوي ناعم متبجح بإسفافه لتمرير إيديولوجيتهم، طالما أن العلمانية و التحرر يخدمان مصالحهم و يرفعان من حجم أرصدتهم البنكية.
شكرا لك سي لحسن على هذا المقال المتميز
أعجبت بلغتك واسلوبك رغم انك استاذ اللغة الفرنسية
أما من حيث الموضوع ف ” سناء” عنوان عريض لكل متغرب في هذا البلد اغلى امانيه نيل رضا اسياده …
تحياتي
لا فض فوك الأخ الفاضل فبعض الحداثيين زورا وبهتانا اعتصموا بانتهاك المقدسات واستباحة المحرمات في إطار خالف تعرف ومنهم بعض الصحافيين المنزوعي الجذور المحميين الجدد طغمة قليلة لكنها مدعومة.