رمضان في الراشيدية…بين الطقوس الروحانية و العادات التقليدية

0 260

يكتسي حلول شهر رمضان المبارك طابعا خاصا بمدينة الرشيدية. أجواء فريدة مشبعة بالروحانية و التعايش تميز عاصمة درعة-تافيلالت، هذه الجهة الغنية بتاريخها العريق و تقاليدها المتجذرة في التاريخ و تراثها الثقافي المتوارث عبر الأجيال.

ففي هذه المدينة الواحية الجميلة، يولي السكان للشهر الفضيل مكانة خاصة في قلوبهم و عاداتهم، و هو ما يتجلى في تشبثهم بقيم التضامن و الروحانية، و كذا في عادات الطبخ و التقاليد الإجتماعية العريقة.

في أسواق المدينة و أزقتها، التي تتزين بألوان مرزكشة و تفوح منها روائح زكية، تزدهر العديد من الحرف الموسمية و الأعمال التجارية و تتحول أحياء بأكملها إلى خلية نحل يجوبها الباعة المتجولون. و هذه الحرف البسيطة هي التي تصنع سحر الشهر المبارك و تشكل جزء من التقاليد و الطقوس الراسخة في الذاكرة الجماعية.

و  من بين هذه الحرف بائع التمور، و “السفانجي” التقليدي، و بائع الكحل و السواك، و خياط الجلباب، و خبيرة تجميل الفتيات الصائمات للمرة الأولى، و معد حلوى “الشباكية”، و “البسطيلة”، و “الملوي”، و الخبز بالشحم أو “أغروم نتادونت”.

و بخصوص الأجواء الروحانية، تستقبل مساجد المدينة منذ أواخر شهر شعبان أعداد غفيرة من المصلين، رجالا و نساء، صغارا و كبارا، للصلاة و الإبتهال.

و أبرز العديد من سكان الرشيدية، البعد الديني و الروحي لشهر رمضان المبارك، معربين عن تمسكهم بالعادات و التقاليد الرمضانية الموروثة عن الأجداد.

و بالنسبة لسناء قندوسي، الفاعلة الجمعوية الشابة، يعتبر شهر رمضان فرصة للتقرب إلى الله عز و جل من خلال الصلاة و تلاوة القرآن الكريم، و مناسبة لمضاعفة المبادرات الخيرية و التضامنية لمد يد العون للفقراء و المعوزين.

و إعتبرت هذه الشابة، التي تعمل مع فاعلين جمعويين محليين آخرين لتقديم وجبات إفطار مجانية للمحتاجين طوال شهر رمضان، أنه “لا يمكن لهذا الشهر الفضيل إلا أن يوفر الظروف و الأجواء الملائمة للممارسات الروحانية و المادية الفضلى”.

من جهته، لاحظ خالد صغيري، الباحث في التاريخ و التراث، أن “عادات و تقاليد الجهة تتجلى بوضوح في مائدة الإفطار”، مشيرا إلى أن عادات الطبخ، مثل حساء “أسكيس” الشهير، و هو الخبز المحلي المسمى أغروم نتادونت و تاكليلت (الجبن المحلي)، لا تزال صامدة أمام إختبار الزمن.

و مضى قائلا : “يشكل هذا الشهر المبارك حدثا دينيا و إجتماعيا بإمتياز، و فرصة أيضا لتسليط الضوء على العادات العريقة المشبعة بالرمزية المتفردة”، مضيفا أنها لحظة تقاسم تسهم في توطيد الأواصر الأسرية و العلاقات الإجتماعية.

يحمل شهر رمضان المبارك، كل عام، أجواء من الروحانية و التقرب إلى الله عز و جل، و هي مناسبة لتزكية النفس و تطهير الروح، تحفز المرء على تبني المواقف و الممارسات الفضلى التي تجسد قيم التآخي و التضامن.

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.