تفاصيل الحكم على رئيس مقاطعة جليز بمراكش متهما بجناية الإرتشاء و إستغلال النفوذ و الغدر
أدانت غرفة الجنايات الإبتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الإستئناف بمراكش، اليوم الجمعة 17 ماي الجاري، لرئيس مجلس مقاطعة جليز بمراكش، بثلاث سنوات حبسا نافذا، و غرامة قدرها 150 ألف درهم.
و يتابع المتهم في حالة إعتقال من أجل جنايتي “الإرتشاء عن طريق طلب و قبول عروض من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته، و تلقي فائدة من إستغلال مباشر يتولى الإشراف عليه”، و جنح “إستغلال النفوذ عن طريق تمكين أشخاص من خدمة تمنحها السلطة العمومية و الغدر، و التدخل بغير صفة في وظيفة عامة من إختصاص ( اللجنة المختلطة ) في منح الرخص”، و هي التهم المنصوص عليها و على عقوبتها في الفصول 248 – 250 – 243 – 245 – 380 من القانون الجنائي.
و قد جاءت متابعة “بورزان” النائب الأول لرئيس مقاطعة جليز عن حزب الأصالة و المعاصرة، على إثر الأبحاث التي باشرتها عناصر الشرطة القضائية بتعليمات من النيابة العامة في شأن وشاية توصلت بها عناصر الفرقة المذكورة شهر شتنبر 2020، مفادها أن نائب رئيس مجلس مقاطعة جليز، يستغل التفويض الممنوح له في مجال الرخص الإقتصادية و كذا رخص شواهد المطابقة في ميدان التعمير، من أجل منح رخص إقتصادية لمحلات تنعدم فيها الشروط القانونية المطلوبة، على غرار الترخيص بإقامة صالونات للحلاقة في شقق سكنية، و الترخيص لمقاهي داخل بنايات صادرة في حقها قرارات الهدم من قبل السلطة المحلية، علاوة على منح رخص المطابقة لمنازل لازالت في طور البناء تتخللها العديد من المخالفات التعميرية، و يحصل مقابل ذلك على رشاوى تتراوح قيمتها مابين 30.000.00 درهم و 40.000.00 درهم، مما مكنه من الإغتناء بطرق غير مشروعة، كما جاء في الوشاية بأن المستشار الجماعي المذكور يمنح رخص إقتصادية لمقاهي و حمامات و صالونات دون إيفاد اللجنة المختصة في هذا النوع من الرخص، مشيرة إلى أن أرشيف مجلس مقاطعة جليز لا يتوفر على الوثائق الخاصة بالرخص التي وقعها المعني بالأمر.
و بناء على تعليمات النيابة العامة تم الإستماع للمتهم من طرف عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية في ماي 2022 و دجنبر 2023، ليتم إحالته على الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف الذي أمر بإعادة ملف الرخص الإقتصادية التي شابتها إختلالات بمجلس مقاطعة جليز إلى الفرقة الجهوية للشرطة القضائية لإتمام البحث، حيث تمت إحالته من جديد في الخامس و العشرين من يناير 2024 بعد البحث معه على الوكيل العام، كما تم الإستماع لرئيس مجلس مقاطعة جليز السابق، و موظفة بنفس المقاطعة، حيث قرر الوكيل العام إحالته على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لإجراء تحقيق في مواجهته مع ايداعه السجن رهن الإعتقال الإحتياطي، و هو الملتمس الذي إستجاب له قاضي التحقيق حيث تم ايداعه السجن المحلي لوداية بعد إستنطاقه إبتدائيا.
و قد أنتج التحقيق التفصيلي أدلة كافية على إرتكابه “جناية الإرتشاء عن طريق طلب و قبول عرض من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفتهه” حيث أن المتهم المذكور الذي كان يتوفر على تفويض في مجال منح التراخيص ذات الطابع الإقتصادي و التجاري بمقاطعة جليز إلى غاية شهر مارس سنة 2020 ، قبل سحب منه هذا التفويض من طرف رئيس مقاطعة جليز آنذاك، و رغم نفيه في سائر مراحل البحث و التحقيق تسلمه أية مبالغ مالية مقابل تسليمه تراخيص ذات طابع إقتصادي و تجاري لفائدة طالبيها، غير أنه بالرجوع إلى شهادة “أحمد، ش” خلال مرحلة التحقيق الإعدادي، أكد بأنه سلم لفائدة المتهم مبلغا يتراوح بين 13.000 درهم و 14.000 درهم بناء على طلبه، لكي يمنحه ترخيصا بإستغلال محل للجزارة، و هي الشهادة التي تعزز القرينة المتعلقة بمجموعة من التحويلات المالية التي قام بها أشخاص لم يتذكرهم المتهم و لم يقدم هوياتهم، و كذا الايداعات النقدية التي تم ضخها في الحساب البنكي للمتهم البنكي و التي تجاوزت قيمتها مبلغ 100.000.00 درهم بكثير، دون أن يبرر هذه التحويلات المالية و الإيداعات النقدية بأدلة ذات مصداقية، و هو ما يفيد بتحقق قرائن ذات أسس قانونية، في كونها متحصلة من مبالغ مالية كرشوة، كان يتم ضخها في حسابه البنكي و مقابل تسليمه لفائدة مجموعة من الأشخاص تراخيص تتعلق بمختلف الأنشطة الإقتصادية المتعلقة بها، و ما يعزز هذه القرائن كذلك أن هذه الرخص التي كان يسلمها المتهم كانت لا تحترم المسطرة المعمول بها في هذا الاطار، كما أنه لم يتم أداء واجبات البحث المتعلقة بها، مما يكون معه المتهم قد إرتكب جناية الإرتشاء علاوة على جناية “تلقي فائدة من إستغلال مباشر يتولى الإشراف عليه و جنحة إستغلال النفوذ عن طريق تمكين أشخاص من خدمة تمنحها السلطة العمومية”، و ذلك من خلال قيامه بإستغلال وظيفته لتلقى فوائد كثيرة تتجلى في رشاوى كما كان يستغل نفوذه الحقيقي كعضو نائب لرئيس مقاطعة جليز مفوض له مرفق منح الرخص الإقتصادية، من أجل الحصول على مزايا و منافع تتجلى في المبالغ المالية التي كان يتسلمها من المستفيدين من الرخص التي كان يوقعها لفائدتهم و هي المعطيات المعتمدة للقول بإرتكابه الأفعال المذكورة و متابعته من أجلها.
كما وقف التحقيق على أن المتهم و وفق تصريحاته كان يمنح مجموعة من الرخص الإقتصادية البالغ عددها 193 رخصة دون أداء واجبات البحث المفروضة على الرخص الإقتصادية المحددة حسب الفصل 55 من القرار الجبائي عدد 6 بتاريخ 19 ماي 2008 في 160 درهما، و هو ما يعني بأنه كان يعفي المستفيدين من هذه الرخص من أداء هذه الواجبات، ليكون مرتكبا لجنحة الغدر، إضافة إلى “جنحة التدخل بغير صفة في وظيفة عامة من إختصاص لجنة منح الرخص”، حيث تبين من وقائع التحقيق و كذا تصريحات المتهم و شهادة الشاهدين بأن المتهم كان يوقع على وصولات التصريح لمزاولة أنشطة إقتصادية دون إيفاد لجنة مختصة، حيث أكد المتهم نفسه بأنه فعلا قام بالتوقيع على مجموعة من الوصولات بالتصريح في نفس اليوم الذي تم إيداع الطلب فيه، و دون إيفاد لجنة مختلطة لمعاينة تلك المحلات موضوع طلب الترخيص، معتبرا أنه من حقه أولا كنائب رئيس مجلس مقاطعة جليز مفوض له منح الرخص الإقتصادية، أن يمنح تلك الرخص دون إيفاد اللجنة المختلطة من أجل المعاينة على إعتبار أن منح تلك الرخص من إختصاص رئيس مقاطعة جليز و ليس أعضاء لجنة المعاينة، كما كان يوقع على هذه التراخيص بالرغم من رفض اللجنة المختلطة للطلبات المتعلقة بها، ليتضح أن المتهم كان يتولى بالإضافة إلى إختصاصاته كنائب مفوض له، تقمص دور اللجنة المختلطة التي من صلاحياتها معاينة المحل موضوع طب الترخيص أو التصريح من أجل مراقبة مدى توفره على المعايير المطلوبة لمزاولة النشاط موضوع الطلب، و بذلك يكون قد تدخل بدون توفره على أية صفة في صلاحيات و إختصاصات هذه اللجنة.
وكالات