تسونامي الاختطافات الغامضة يجتاح مدينة زاكورة من جديد
تعتبر ظاهرة الاختطاف من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمع المغربي في أمنه واستقراره. ولعل الدافع إلى كتابة هذا المقال هو المنحى الخطير الذي بدأت تأخذه هذه الظاهرة. إذ عرف المغرب في السنوات الأخيرة ارتفاعا مخيفا في عدد الحالات التي تعرضت للاختطاف. وخصوصا في صفوف الأطفال. مما يستدعي من الفاعلين الحقوقيين والأجهزة المختصة تحليل هذه الظاهرة الغريبة والتوصل إلى الأسباب الحقيقية في إقدام المجرمين والجناة على مثل هذه الجرائم من الخطف المتبوع أحيانا بالقتل. ومن المعلوم أن تحديد أسباب هذا الجرم تكشف عنه تقارير السسيولوجيين والأطباء النفسانيين.
إن ظاهرة الاختطاف بدأت اليوم تؤرق السلطات العليا للدولة وأجهزة العدالة والأمن لأن الظاهرة أصبحت تأخذ منحى خطيرا تسبب في بث الرعب بين المواطنين الآمنين. في مختلف المدن المغربية. حيث سجلت حالات جديدة وقعت ضحية الاختطاف في كل من الدار البيضاء وفاس وبرشيد وطنجة …
والغريب في الأمر أن هذا التسونامي الخطير من الاختطافات لم يقتصر فقط على المدن الكبرى التي تعاني من ارتفاع معدلات الجريمة بسبب الكثافة السكانية وكثرة المشاكل الاجتماعية والبطالة… بل إنه أصبح يزحف أيضا على المدن الصغيرة والقرى والبوادي التي طالما تمتعت بالأمن والاستقرار والطمأنينة. ففي إقليم زاكورة مثلا تم تسجيل حالات عديدة من الاختطاف وخصوصا في صفوف الأطفال. فبعد حادثة اختطاف طفل بمنطقة تاكونيت( الأربعاء٬ 5 أبريل 2012)، حيث تمكنت عناصر الدرك الملكي ، من إيقاف شخص مشتبه في تورطه في اختطاف طفل٬ والعثور على الضحية في حال جيدة. وقد أفادت وكالة المغرب العربي للأنباء آنذاك أن التحقيق مكن من اكتشاف أن المتهم، يبلغ 17 سنة، وهو أحد جيران المشتكي، والذي طلب فدية بقيمة مائة ألف درهم مقابل الإفراج عن الطفل. وتم تقديم مرتكب عملية الاختطاف للعدالة. فبعد تلك الحادثة تأتي حادثة اختطاف أخرى راح ضحيتها طفلين ينحدران من منطقة زاكورة، ومن لطف القدر فقد تم القبض على الجاني يوم الاثنين 18فبراير المنصرم .حيث أحاله الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بورزازات للمثول أمام غرفة الجنايات بنفس المحكمة في أول جلسة يوم الخميس 28فبرايرالمنصرم،وأجلت المحكمة النظر في القضية إلى جلسة يوم الخميس 07مارس الجاري.
ويتابع الجاني بتهمة اختطاف قاصرين في حالة عود واحتجازهما وحيازة وترويج المخدرات في حالة عود،وهي التهم المنصوص عليها في الفصول 436،471 ،154و 156 من القانون الجنائي .وتعود وقائع الجريمة إلى يوم الأحد 24فبراير المنصرم حيث أقدم الخاطف الذي استضافته أسرة في دوار قصبة لكعابة بجماعة ترناتة بإقليم زاكورة،قام باستدراج الطفلين (م .ص)16سنة وشقيقته (غ .ص) 13سنة ونقلهما إلى وجهة مجهولة وألقي عليه القبض من طرف أحد الرحل في جبال صاغرو النائية بين جماعة أفلاندرا وجماعة سكورة في اتجاه إقليم ورزازات،وذلك بعد يومين من الاختفاء.
وبعد التحقيق معه من طرف الدرك الملكي بزاكورة وقاضي التحقيق باستئنافية ورزازات ،اعترف الجاني بالمنسوب إليه من تهمة الاختطاف ونيته طلب فدية مقابل إطلاق سراحهما.
ولم يقف مسلسل الاختطافات عند هذا الحد، بل تم تسجيل حالة جديدة في منطقة تمكروت، لازالت ظروفها غامضة إلى الآن. حيث تعرض الضحية ( م .م . س48 سنة ) الذي يعاني من مشاكل نفسية وعقلية إلى عملية اختطاف على الساعة الحادية عشر والنصف ليلا من أمام ثانوية الإمام البخاري التأهيلية التي يعمل بها مساعدا تقنيا يوم الجمعة 22 /3 /.2013 من طرف شخص مجهول يستقل سيارة من نوع إكسبريس بيضاء.حيث اتجه بالضحية إلى وجهة غير معروفة في ظروف غامضة. حيث أكد أقارب الضحية أنهم سارعوا إلى إبلاغ عناصر الدرك الملكي والأمن الوطني بزاكورة بملابسات الحادثة الخطيرة.وإبلاغ النيابة العامة بالاختطاف. من أجل فتح تحقيق جدي في الأمر وتحديد مصير الضحية وهوية الخاطفين.
إن هذه الحالات وغيرها من الاختفاءات القسرية تستدعي من الجهات المعنية دق ناقوس الخطر واتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة لمكافحة ظاهرة الاختطاف التي روعت البلاد والعباد. خصوصا وأن هذه الظاهرة بدأت تأخذ منحى خطيرا يهدد كيان المجتمع وأمنه. لذلك وجب أخذ التدابير اللازمة للقضاء عليها .ولا ننسى دور وسائل الإعلام في التحسيس بمخاطر ظاهرة الاختطاف التي أضحت حديث المجتمع المدني والأولياء الذين وجب عليهم وبالموازاة لعب دور الرقيب على الأطفال القصر.
وفي الأخير ندعوا من هذا المنبر الحر السلطات المختصة إلى التصدي لهذا التسونامي الغريب عن منطقة زاكورة بصفة خاصة، وعن المجتمع المغربي بصفة عامة. وذلك لا يكون إلا بعقد اجتماع طارئ برئاسة الوزير الأول وبحضور المعنيين من القطاعات كالداخلية والعدالة ومصالح الأمن وغيرها من أجل تحليل الظاهرة الغريبة والتوصل إلى الأسباب الحقيقية الكامنة ورائها.وعلى العدالة تحمل مسؤولياتها في العمل على صياغة القوانين التي تجرم هؤلاء المختطفين عبر مشروع قوانين عاجل يقدم أمام البرلمان للمصادقة عليه.
ذ . سيف الدين السملالي – أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي .زاكورة
عش نهار تسمع خبار الله استر على الجميع