الذكرى 67 لمعركة الدشيرة و الذكرى 49 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة محطتان بارزتان في سجل الذاكرة التاريخية الوطنية

0 62

خلد الشعب المغربي و معه أسرة المقاومة و جيش التحريـر، أمس الجمعة، و بمظاهر الإعتزاز و الإكبار، و في أجواء التعبئة الوطنية الشاملة و المستمرة، و اليقظـة الموصولة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذكرى 67 لمعركة الدشيرة و الذكرى 49 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية المسترجعة، غداة المسيرة الخضراء المظفرة التي أبدعتها عبقرية جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه.

فقد جسدت هاتين الذكرتين أروع صور الملاحم و البطولات التي خاضت غمارها طلائع جيش التحرير بالجنوب المغربي في مواجهة الإحتلال الأجنبي، و أبرزت مدى التلاحم العميق بين العرش و الشعب في ملحمة إستكمال الإستقلال الوطني و تحقيق الوحدة الوطنية و الترابية المقدسة.

و تعتبر معركة الدشيرة حلقة ذهبية ترصع سلسلة الأمجاد و الملاحم البطولية دفاعا عن الوحدة الترابية التي تحققت بفضل النضال المستميت للعرش و الشعب، و الذي تكلل بالمسيرة الخضراء المظفرة و إنهاء الوجود الأجنبي بأقاليمنا الجنوبية.

لقد واصل الشعب المغربي و في طليعته أبناء المناطق الجنوبية المسترجعة مسيرة النضال البطولي من أجل إستكمال الإستقلال الوطني و تحقيق الوحدة الترابية المقدسة، مجسدين مواقفهم الراسخة و تمسكهم بمغربيتهم، إيمانا ببيعة الرضى و الرضوان التي تربطهم بملوك الدولة العلوية الشريفة، رافضين لكل المناورات و المؤامرات التي تحاك ضد وحدة المغرب الترابية.

و تجسد معركة الدشيرة بحق معلمة بارزة في تاريخ الكفاح الوطني، ألحق فيها جيش التحرير هزيمة نكراء بقوات الإحتلال الأجنبي في الفترة من 1956 إلى 1960، و تظل ربوع الصحراء المغربية شاهدة على ضراوتها كمعارك “الرغيوة” و”المسيد” و”ام لعشار” و “مركالة” و “البلايا” و “فم الواد” على سبيل المثال لا الحصر.

و أمام هذه الإنتصارات المتتالية، لجأت قوات الإحتلال الأجنبي إلى عقد تحالف في معركة فاصلة خاض غمارها جيش التحرير بالجنوب، تلك المعركة التي إشتهرت باسم معركة”اكوفيون”.

و كانت هذه الوقائع شاهدة على مدى قوة الصمود و التصدي في مواجهة التسلط الإستعماري، تعزيزا للأمجاد البطولية التي صنعها المغاربة لإعلاء راية الوطن خفاقة في سمائه و في سائر أرجاء ترابه الوطني من طنجة إلى الكويرة.

لقد قدم المغرب جسيم التضحيات في مناهضة الوجود الأجنبي الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن، وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب و الحماية الاسبانية بالشمال و الجنوب، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي، و هذا ما جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة و عسيرة بذل العرش و الشعب في سبيلها تضحيات جسام في غمرة كفاح متواصل طويل الأمد و متعدد الأشكال و الصيغ لتحقيق الحرية و الخلاص من قبضة الإستعمارين الفرنسي و الإسباني المتحالفين ضد وحدة الكيان المغربي، إلى أن تحقق الإستقلال الوطني بالعودة المظفرة لجلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه من المنفى إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955.

و لم يكن إنتهاء عهد الحجر و الحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من الأراضي المغتصبة من نير الإحتلال.

و في هذا المضمار، كانت ملاحم التحرير بالجنوب سنة 1956 لإستكمال الإستقلال الوطني في باقي الأجزاء المحتلة من التراب الوطني حيث استمرت مسيرة الوحدة في عهد بطل التحرير و الإستقلال و المقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس، طيب الله ثراه، الذي تحقق على يديه إسترجاع مدينة طرفاية سنة 1958، بفضل العزم الأكيد و الإرادة القوية و الإيمان الراسخ و الإلتحام الوثيق بين العرش و الشعب و ترابط المغاربة بعضهم ببعض من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

و تواصلت هذه الملحمة النضالية في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله مثواه، بكل عزم و إيمان و إصرار، و تكللت بإسترجاع مدينة سيدي افني سنة 1969، و بالمسيرة الخضراء المظفرة، مسيرة فتح الغراء في 6 نونبر 1975 التي جسدت عبقرية ملك إستطاع بأسلوب سلمي و حضاري فريد يقوم على قوة الإيمان بحقه و بعدالة قضية وطنية مقدسة و مشروعة.

و كان النصر حليف الإرادة الوطنية، و إرتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976 مؤذنة بإنتهاء فترة الوجود الإستعماري في الصحراء المغربية، لتتكلل الملحمة الغراء بإسترجاع إقليم وادي الذهب إلى الوطن يوم 14 غشت 1979.

و ها هو المغرب اليوم، يواصل مسيرته التنموية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، دفاعا عن الثوابت الوطنية و إنخراطا في المسار التحديثي للمغرب على كافة الواجهات الإقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، إنسجاما و تجاوبا مع متطلبات المرحلة التي تقتضي إنخراط كافة فئات الشعب المغربي في مسلسل التنمية الشاملة و المستدامة و إعلاء صروح الديمقراطية و صيانة الوحدة الترابية و تثبيت مغربية الأقاليم الجنوبية في ظل السيادة الوطنية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.