رمضان..بين فضيلة الإعتدال و الإفراط في الإستهلاك

0 111

تشهد الأسواق خلال شهر رمضان حركية كبيرة، حيث يقبل الصائمون على إقتناء كل ما يحتاجونه خلال الشهر الفضيل، و خاصة المواد الغذائية.

و إذا كان من الطبيعي أن تكون النفقات في رمضان أقل من باقي أشهر السنة، إلا أنه يلاحظ حجم الإنفاق الكبير و الإستهلاك المفرط الذي يواكب شهر الصيام، مع ما يترتب عنه من هدر للطعام.

و يمكن تفسير هذا النزوع نحو الإفراط في الإستهلاك، الذي لا يتناسب مع روح الشهر الفضيل، بعوامل إجتماعية و تحفيزات تجارية و رغبة لا واعية في التعويض بعد يوم من الحرمان.

و تبدو آثاره واضحة على المستوى الإقتصادي، و كذا على المستويين الصحي و البيئي، بالنظر إلى كميات الطعام الكبيرة التي يتم هدرها.

و في هذا الصدد، قال الأستاذ الباحث في السلوك الإستهلاكي بالجامعة الأورومتوسطية بفاس، رشيد بودري، في تصريح للصحافة، أن الإفراط في الإستهلاك خلال شهر رمضان يعزى بالأساس إلى العامل النفسي “إذ إن ترقب الصيام يثير رد فعل تراكمي يعززه الإفراط في تنشيط ما يسمى بدوائر المكافأة” في الدماغ.

و أوضح أن الإعتبارات السوسيو- ثقافية تعزز هذا التوجه، بعدما أصبحت وجبة الإفطار مناسبة للإحتفال و التباهي، حيث يتم في كثير من الأحيان التعبير عن كرم الضيافة و السخاء من خلال الإفراط في تقديم مختلف أنواع الأطعمة.

و يرى بودري أن إستراتيجيات التسويق تركز أيضا على شهر رمضان لتحفيز الإستهلاك، من خلال عروض ترويجية مغرية و إشهارات محددة الأهداف، فضلا عن تخصيص رفوف خاصة بالشهر الفضيل في المتاجر الكبرى للحث على الإندفاع في الشراء و الإفراط في التخزين.

و أبرز أن ” العلامات التجارية تسعى إلى إرساء رابطة عاطفية مع المستهلكين من خلال اللعب على عوامل مثل وهم الندرة و الإمتيازات”، لافتا إلى أن العروض الترويجية و العروض المحدودة، و هي من سمات هذه الفترة من السنة، تدفع بإتجاه الشراء الإندفاعي.

فمن خلال تضخيم الإحتياجات خلال شهر الصيام، تدفع العلامات التجارية المستهلكين إلى اقتناء منتجات قد لا يحتاجون إليها، أو لم يكونوا ليفكروا فيها لولا العروض الإشهارية.

و وفقا لبحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، يتزايد متوسط نفقات الأسر بنسبة 18.2 في المائة خلال شهر رمضان مقارنة بالأشهر الأخرى من السنة.

و تكشف أرقام المندوبية أن نفقات 20 في المائة من الأسر الأقل يسرا تزداد بنسبة 8.4 في المائة، و نفقات الفئة الإجتماعية الوسطى بنسبة 9.7 في المائة، و 20 في المائة من الأسر الأكثر يسرا بنسبة 8.9 في المائة.

و حسب نوع النفقات، فإن الميزانية المخصصة للتغذية ترتفع بنسبة 17.8 في المائة خلال شهر رمضان مقارنة بالأشهر الأخرى، حيث تبلغ هذه الزيادة 19 في المائة في الوسط الحضري و 4.5 في المائة في الوسط القروي.

و لكبح هذا الإفراط في الإستهلاك، يرى السيد بودري أنه ينبغي العمل على تكريس قيم التقاسم و التضامن التي تميز شهر رمضان، داعيا على سبيل المثال إلى تنظيم وجبات إفطار جماعية لفائدة الفئات الهشة و الفقيرة.

و يكمن الهدف من ذلك في التذكير بجوهر رمضان من أجل إعادة التوازن إلى ديناميات الإستهلاك خلال الشهر الفضيل، و الحفاظ على قيمه المثلى في مواجهة التجاوزات الإستهلاكية، خاصة و أن رمضان هو بالأساس فرصة لإستعادة التوازن الغذائي و تقوية الجانب الروحي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.