الصيام في رمضان..علاج للروح و فوائد جمة للجسد

0 21

الصيام، ليس مجرد إمساك عن الطعام، فهو محرك حقيقي لعلاج الروح و تجديد الجسم، حيث تعود هذه الممارسة الروحية، خلال شهر رمضان الفضيل، بفوائد جمة على الصحة الجسدية و النفسية للصائم.

غالبا ما ينظر إلى الصيام على أنه ممارسة إيمانية و روحانية، غير أن هذا الإمساك عن الطعام يحمل أيضا فوائد كبيرة للصحة الجسدية و النفسية، إذ يمثل الصيام آلية بيولوجية طبيعية تسمح للجسم، عند ممارستها بشكل صحيح، بالتجدد مع تعزيز الراحة النفسية.

و في هذا السياق، أكد الطيب حمضي، الطبيب و الباحث في السياسات و النظم الصحية، في تصريح للصحافة، أن الجسم البشري معد بشكل مثالي للتعامل مع فترات الإمساك عن الطعام، معتبرا أنه “إذا كانت الوفرة الغذائية الحديثة تسبب أمراضا مثل السمنة أو السكري، فإن الصيام يسمح للجسم بالعودة إلى حالة تنظيم مثالية”.

و أوضح أنه خلال الأيام الأولى من الصيام، يواجه الجسم إنخفاضا في نسبة السكر في الدم، مما يسبب التعب و الصداع، لكن هذه المرحلة الإنتقالية يتبعها بسرعة عملية أيضية مفيدة، مضيفا أنه بمجرد إستنفاد إحتياطيات الجلوكوز، يبدأ الجسم في تحليل الدهون، مما يؤدي إلى فقدان الوزن، و تنظيم الكوليسترول، و تحسين إدارة التمثيل الغذائي.

و تكمن إحدى فوائد الصيام الرئيسية، حسب السيد حمضي، في قدرته على منح الجهاز الهضمي إستراحة يستحقها. و في الواقع، يتيح الصيام للجسم تنقية نفسه، من خلال التخلص من السموم المتراكمة في دهون الجسم.

بالإضافة إلى فوائده الجسدية، فإن للصيام تأثيرا كبيرا على الصحة النفسية. و أوضح الباحث في هذا السياق، أنه من خلال تقليل إنتاج الأنسولين، يحفز الصيام إنتاج الأسيتون، مما يعزز الصفاء الذهني و القدرات المعرفية، مشيرا إلى أن هذا التحفيز له تأثيرات إيجابية على إدارة العواطف، حيث يساعد في تقليل التوتر، القلق، و حتى أعراض الإكتئاب.

كما أضاف أن الصيام يعلم الإنضباط و ضبط النفس، و هما عنصران يساهمان في تنظيم أفضل للعواطف، مما يجعل الصيام فرصة للتأمل الداخلي و التركيز على الأهداف الروحية و الشخصية.

و أبرز الدكتور حمضي أيضا أهمية الصيام في الوقاية من الأمراض الأيضية، مثل السكري من النوع الثاني و أمراض القلب و الأوعية الدموية، موضحا أنه “من خلال تنظيم مستويات السكر في الدم و تقليل الكوليسترول الضار، يحمي الصيام القلب و الأوعية الدموية”.

و أضاف : “يقلل الصيام من خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية، و هي أمراض شائعة في مجتمعاتنا الحديثة. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون بالفعل من هذه الأمراض، يمكن أن يكون للصيام، إلى جانب المتابعة الطبية، تأثيرات علاجية و يساهم في إدارة أفضل للأعراض”.

في هذا الصدد، يوصي الطبيب باستعادة مستويات الترطيب و الطاقة بسرعة، و ذلك ببدء وجبة الإفطار بثلاث تمرات مع الماء. كما يوصي بتناول وجبات خفيفة، و تجنب الأطعمة الغنية بالدهون و السكريات، و التركيز على البروتينات الخالية من الدهون، و الخضروات، و النشويات ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض، مثل الأرز الكينوا. أما وجبة السحور، التي يتم تناولها قبل بدء الصيام، فيجب أن تكون غنية بالمغذيات لإعطاء الطاقة طوال اليوم.

في المقابل، ذكر الدكتور حمضي أن بعض الفئات يجب أن تتجنب الصيام، بما في ذلك الأطفال، كبار السن، النساء الحوامل المعرضات للخطر، و كذلك الأشخاص الذين يعانون من أمراض خطيرة مثل السكري غير المنضبط أو أمراض القلب و الأوعية الدموية الشديدة.

و شدد على ضرورة القيام باستشارة طبية قبل الشروع في صيام طويل، موضحا أن التدبير السيئ للصيام يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية مثل الجفاف، التعب المفرط، و إضطرابات الجهاز الهضمي، مما يبرز أهمية الترطيب الجيد و التغذية المتوازنة خلال هذه الفترة.

في الختام، فإن الصيام ليس مجرد ممارسة روحانية، بل هو مكسب حقيقي للصحة الجسدية و النفسية. عند ممارسته بشكل صحيح، يقدم الصيام فوائد متعددة، بما في ذلك تجديد الجسم، تنظيم التمثيل الغذائي، تحسين الصحة النفسية، و الوقاية من الأمراض الأيضية. و بذلك، تصبح فترة الإمساك عن الطعام فرصة مثالية لإستعادة التوازن الجسدي و النفسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.