طقوس الزواج عند قبيلة أيت عبد الله { حفل الزفاف }
قبل موعد الزفاف بأسبوع على أبعد تقدير , يتم استدعاء العدول إلى بيت العروس من أجل عقد القران , بحضور والد العريس ويتم الإتفاق على قيمة المهر , وغالبا ما يكون رمزيا , فالأهم في مجتمع أيت عبد الله هو { المعقول } لذالك فلا قيمة للمال تحت أي مسمى , يتم تدوين العقد من طرف العدول , وتقرأ سورة الفاتحة إذانا بوقوع الزواج , ويتفق على موعد ذهاب العروس إلى بيتها الجديد ,
و قبل موعد الزفاف بيومين , يتم استدعاء الأقارب لحفلة غداء خاصة , يتم خلالها تسطير برنامج عمل , ووضع خطة محكمة لتسييرحفل الزفاف , حيث يتم تقسيم الأدوار بين الأشخاص , كما يتم جمع الأواني والأفرشة , وجيمع المستلزمات التي تحتاجها الأسرة لهذه المناسبة , وفي الغد بعد صلاة الفجر يتم ذبح بقرة , ويتم استدعاء أهل القرية للعشاء , وغالبا ما تكون الأكلة المقدمة في هذه الليلة هي الكسكس , ويحضرها شخص واحد عن كل أسرة , وبعد صلاة العشاء يصعد أحد الرجال إلى أعلى المسجد و ىيسمى { البراح } وينادي بأعلى صوته , ويبدأ بكلمة التوحيد , ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ويسأل الله أن يمن على القبيلة والوطن بالأمن والأمان , ويثني على أهل الخير ويسأل الله الهداية لأهل الشر, ثم يقول يا أهل القبيلة : أنتم مدعوون غدا صباحا للفطور عند فلان , فمرحبا بكم جميعا , صغيرا وكبيرا , فلا تتخلفوا جزاكم الله خيرا .
أما النساء فيتم دعوتهن بواسطة سيدة عجوز , تطرق أبواب منازل القرية بابا بابا , تدعوهن لحضورالوليمة عند بيت فلانة , غدا بعد الزوال , ومن تأخرت عن الوقت المحدد , فيلزمها أداء غرامة مالية عقابا لها عن تأخرها , فالنساء أكثر تنطيما من الرجال , ولا مجال للأطفال في مجلس النساء , كما هو مسموح به في مجلس الرجال ,
في صباح يوم الزفاف , لا حديث إلا عن { أغروم } أو الخبز فكل من تلتقيه في الطريق يطلب منك اللحاق ب { أغروم } وحتى أهل بيتك يذكرونك بموعد {أغروم } مباشرة بعد فتح عينيك , وقبل خروجك من فراشك , إنه يوم {أغروم } بامتياز والكل سعيد ومبتهج .
عند دخولك إلى مكان الوليمة وتجلس حيث انتهى بك المجلس , الكل يتبادل أطراف الحديث , ولا يسمع إلا الأزيز , وكأنك تستمع بنغمات النحل في خليتها, فجأة تسمع الإستعادة بالله من الشيطان الرجيم , الكل يصمد فالقرأن الكريم مقدس , ولا صوت يعلو على كلام الله , عند انتهاء {الطلبة} أوحملة القرأن , من تلاوة القرأن يشرع سقاة القوم , أصحاب الصواني في صب الشاي , و ليس كل من هب ودب بإمكانه قيادة الصينية في مثل هذه المناسبات , ف {الشوافر} كما يطلق عليهم , معرفون لدى الجميع , ومواصفات الشاي يجب احترامها فمنها { الكشكوشة } والمذاق , ناهيك عن كيفية الجلوس , وطريقة صب الشاي , واحترام شروط الصينية, والحفاظ عليها نظيفة , وعدم السماح لأحد بلمس { البراد} وغيرها من الشروط , فمن يطلق عليهم محليا { إجماعن نواتاي } هم أدرى بهذه الشروط أكثر من غيرهم , وهم من يتم الإلتجاء إليهم عند الإختلاف على جودة الشاي .
بعد الإنتهاء من تناول الشاي , يتم تقديم الأكل , وتتميز عملية تقديم الأكل بعقد حلقات من ستة أفراد , حيث ينادي منادي : جزاكم الله خيرا { ستة ستة } يخبرهم أن الحد المسموح به لكل مائدة , ستة أفراد لا أقل ولا أكثر , وبعد الإنتهاء من الأكل , يختتم الحفل بالدعاء للعروسين وللجميع .
وقبل الظهربقليل , يتم تجمع النساء في مكان معين , من أجل إعداد الهدية التي ستقدم إلى أهل الزفاف , وغالبا ما تكون هذه الهدية عبارة عن مواد غدائية , مثل الدقيق والسكر والزيت , وبعد جمع ما يلزم من الهدايا , تسير المسيرة في اتجاه مكان الزفاف على إيقاعات { أحيدوس } , وتتخللها الزغاريد والصلوات على النبي , في باب بيت { بوالفرح } كما يطلق عليه محليا , تجد امرأة واقفة تنتظر النساء اللائي تأخرن عن الموعد , كي تطلب منهن أداء غرامة مالية بسبب تأخرهن , بعد الدخول , يتم جمع أداء واجب الإنخراط في جمعية النساء , وتخصص هذه الواجبات لاقتناء الأفرشة والأواني وجميع المستلزمات التي يحتاجها أهل القرية في مثل هذه المناسبات , ففي قبيلة كقبيلة أيت عبد الله , لا مجال لاكتراء الأواني والأفرشة , فجمعية النساء العبدلاويات توفر كل هذه المستلزمات , فطابع العمل الجماعي هنا , ضارب جدوره كما التاريخ , تدون المداخيل والمصاريف , ويتم مناقشة الحاجيات الملحة , التي هن في أمس الحاجة إليها, ويتم تدوين كل شيء , في سجل خاص بالقبيلة , من طرف إحدى النساء اللئي يتقن الكتابة والقراءة .
بعد الإنتهاء من الأمور المتعلقة بالمال , يأتي دور{ أحيدوس }, فهذه مناسبة للترويح عن النفس , وتشرع النساء في الإحتفال بهذه المناسبة بطرقهن الخاصة , ويستمر الحفل إلى طلوع الشمس ويختتم الحفل بالدعاء للجميع بعد تناول الطعام .
الحلقة القادمة : حفل الحناء { إغمان } .