الزلزال الحكومي: الهزة مخزنية والارتداد “شباطي”
ليس من عادة العقلاء الانخراط في المعارك الهامشية التي تصنع قبل كل كارثة آتية أو بعد كل فشل ذريع سبَق أو عند كل تقرير صادم صَدر أو سيصدر، لكي لا نكون من أدوات إلهاء هذا الشعب عن معاركه الحقيقية: معركة الكرامة، معركة الحرية، معركة العدالة الاجتماعية… لكن أجد نفسي مضطرا للخوض مع الخائضين في ملهاة انسحاب مرتقب لحزبٍ لا يملكُ قرارَهُ من حكومةٍ لا تملك سلطتَها. يعني سأحاول بدوري رصد أسباب وتداعيات وظروف و و و…. “الزالزال” الحكومي “الخطير”.
الداعي لخوضي مع الخائضين أننا ابتُـلينا في هذا البلد – إضافة إلى نظام يتقن فَنَّ صناعة الإلهاء- “بنخبةٍ” تتقنُ فَنَّ تصريف المعارك الهامشية والنفخِ فيها، لَوْكاً باللسان أو تخطيطا بالقلم، حتى يُتخيل لمن لا يعرف حقيقة أوضاعنا أننا فعلا دولة “استثناء” في الهشيم غير الديمقراطي من الدول، إلى حد أصبح معه زعماء دول وتنظيمات خارجية يصرحون ويشيدون بـ “التجربة الديمقراطية” المغربية و”التعامل الحكيم” لحكامنا مع مطالب الشعب المغربي، تصريحات يشاهدها أو يسمعها أو يقرأها المواطن البسيط في الاعلام المحلي والدولي فتـنطلي على غالبيته المزاعمُ، فإذا به يصيحُ مُهللاً ومكبراً لإنجازاتٍ يُسمَعُ أزيزُها ولا يُرى وقعُها.
- 1. زلزال كرتوني.
عودة إلى الزلزال الحكومي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس هذه الأيام، والذي من الأكيد ستتضح مسبباته وضحاياه الحقيقيين فيما بعد، فَمن أجل فهمه لا بد أن نستدعي ما درسنا أيام صبانا في دروس علوم الحياة والأرض. فالتعريف البسيط للزلزال هو “عبارة عن اهتزاز أرضي سريعٍ يُـتْـبَع بارتداداتٍ تُدعَى أمواج زلزالية. هو هزة في بؤرة محددة وارتداد في الهوامش”.
إذن هل انسحاب حزب الاستقلال من حكومة عبد الإله ابن كيران هزة أم ارتداد؟ لابد أن الحاكم ونخبته التابعة أرادوا أن يصوروا من وراء هذا الإخراج المسرحي الجديد لمن لايعرف طبيعة “ديمقراطيتنا”، التي تكلمتْ عن كل شيء ولم تأتِ بأي شيء، أنه فعلا هزة قوية أصابت العمل السياسي بالمغرب مما يخول لنا أن نُعَدَّ من الدول الديمقراطية التي يجري فيها كل شيء على المكشوف، وأن لدينا سلطة ملكية لولاها ما استقامت “عصا” الديمقراطية.
لكن نحن الذين نعرف طبيعة حكامنا- الذين لا يهمهم أن نعرف، المهم أن لا يعرف الخارج- لا نجد صعوبة في الحكم بأنَّـنا أمام زلزال مُتَحَكَّمٍ فيه، لأن ضحاياه ممثلون فوق خشبة، وأن تشققهم هذا ما هو إلا ارتدادٌ لجهةٍ حرَّكت الكرتونَ الذي أنشأتْ عليه الخشبة.
- 2. الهزة مخزنية.
إن إصرار “النخبة” الخائفة أو المأجورة أو المتملقة على قلب الحقائق وتسعير المعارك الهامشية لَهُـوَ من أهم عوامل التضليل التي يعاني منها هذا الشعب. فمنذ الفرقعة “الشباطية” تناسلت التصريحات والمقالات والتحليلات لرصد الزلزال الحكومي والتنبؤ بهزاته وارتداداته المستقبلية. وقلة من القلة هي التي كانت منسجمة مع موقعها الطلائعي في صنع الرأي العام وتنويره بحقيقة ما يجري.
إن ما حدث وسيحدث يُعَرِّي حقيقة نظامنا وعتاقة أساليبه التي تستعمل مع كل وافد جديد لبيت الطاعة المخزنية. فالعقلية المخزنية لا يكفيها أن يقدم الوافد كل التنازلات وأن يحمد الأعتاب ليجد مكانه في ذلك البيت، بل لا بد من ترويضه وإلحاقِ كافة الإهانات به حتى تموت فيه كل نخوة بشرية وكرامة إنسانية، وأكثر من ذلك يجب أن يُربَّى بحيث يكون مستعدا بين كل فينة وأخرى للمشاركة في مسرحيات مُنَاسَبِـيَّة -إضافة إلى دوره في المسرحية الأصلية- لتزيين وجه الحكم الحقيقي والتغطية على عوره ومسح أوساخ أنفه لتبقى الواجهة نقية ويُرمى الوافدُ مع إخوانه “الكلينيكسيين” في قمامة وراء البيت المخزني الجميل.
يجب على حزب العدالة والتنمية إذن أن لا يتأفف مما وقع ما دام يعرف جيدا تبعات دخوله بيت الطاعة، ولعل “فتوى” أمينهم بتكميم الأفواه حتى يتكلم رب البيت، وهو الذي حاول، بكل ما أوتي من مفردات التملق، أن لا تجري عليه أسباب الإذلال المخزني، لكن ربما الإذلال يزداد عندما يُبدي الوافد استعدادا أكبر وانبطاحا أكثر.
هي إذن هزة مخزنية جديدة يراد منها تمرير عدة رسائل قديمة، أولها أن السلطة الملكية، التي قيل أنها “تخلت” (؟) عن اختصاصات كثيرة بعد الدستور الأخير، لا تزال هي الحاكمة – وإلا لِمَ بلع الكل لسانه حتى يُسمع صوتها؟- ، وأن هذه المؤسسة هي من يستحق أن يمثل المواطنين، أما الحكومة والأحزاب فهي قاصرة عن هذا الدور وتفتقد للحكمة التي يجب أن تحصر في المؤسسة الملكية. ثاني الرسائل وهي أن هؤلاء المتوضئين على غرار إخوانهم في تونس ومصر – مع الفرق الشاسع بين من يسعى فعلا لتأسيس نهضة مجتمعية وبين إخواننا المسبحين والحامدين بالوضع الذي نعيشه- ربما يصلُحون لإقامة الصلاة والوعظ لكن لا يصلحون لقيادة الدولة، وهي رسالة تتعدى التسويق المحلي إلى التسويق الخارجي انخراطا في الحملة العالمية لاحتواء إفرازات الربيع العربي.
- 3. الارتداد “شباطي”.
إذا ثبت لدينا أن الزلزال الحكومي ما هو إلا من قبيل تلك الهزات التي يتحكم فيها عن بعد، فإن قرار حزب الاستقلال ما هو إلا ارتداد لصرف الناس عن مصدر الهزة الحقيقي وأهدافها. وإلا فمن قِصَرِ نظرنا أن نظن أن حزبا في المغرب يملك قراره بهذه الكيفية التي اتخذ بها حزب شباط هذا القرار. لكنّ مُخرِج المسرحية أصر على شباط – بطل المسرحية- أن يحاكي الواقع في أدائه لدوره الارتدادي واحترام الشكليات الديمقراطية لاستصدار قرار صدر قبل ذلك.
إن تعمية أو جهلا بواقعنا السياسي يجعل المراقب غير الحاذق من الداخل والخارج يُسحر بقوة أحزابنا وقراعة ديمقراطيتنا، لأن الكل يؤدي دوره كما يجب في الزمان والمكان المناسبين، بل حتى على مستوى قسمات الوجه. فالأغلبية كانت متماسكة وفجأة تفككت بعد قرار انسحاب قاعدي لحزب ديمقراطي، فعبس وجه ابن كيران المشرق وبهج وجه شباط، ومعارضة تستغل الظرفية لتُـظهِر عجز الائتلاف “غير الحاكم”، استعدادا للمَخرَج الديمقراطي بعد فشل كل التسويات، وهو انتخابات مبكرة.
لكن رغم براعة الممثلين ورغم تسويق “النخبة” للإنتاج المسرحي ببلادنا، فمسرحياتهم تفقد سريعا بريقها وتركن في رفوف المتحف المخزني المغبر لأن الخشبة لم تعد كما هي، والجمهور لم يعد هو نفسه، والكواليس أضحت مكشوفة أكثر من أي وقت مضى.
- 4. عودة إلى قاعة العرض.
بعد هذه الجولة في الكواليس أعود إلى قاعة العرض المسرحي لأشاهد مع باقي مواطني هذا البلد قصة الزلزال الحكومي المؤثرة، والتي زاد من دراميتها تأخر الإنقاذ كما جرت العادة في الكوارث والحوادث التي تقع يوميا ببلادنا.
ما مصير الائتلاف والحكومة؟ هل سيقبل شباط تنازلا “بنكرانيا” أم سيتحول إلى المعارضة لتبقى الحكومة عزلاء بدون قوانين، بعد تحول مجلس النواب إلى قلعة ثانية للمعارضة بعد مجلس المستشارين؟ أم أن ابن كيران ليس من الطينة التي تقبل الابتزاز حيث سيحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات مبكرة لاستحالة التحالف مع الأعداء في المعارضة ؟
أم أن الاثنين سينصتان بآذان الطاعة للتحكيم الحكيم للملك؟ لتجنيب البلاد أي فراغ سياسي خطير، أُسوة بالدول التي عرفت “مثلنا” تغييرا عميقا بعد الربيع العربي؟
أكيد أن “المسرحية” مشوقة. وكل “مسرحية” والجمهور مكذوب عليه.
أهنؤك على المقال الرصين والمحبوك والمنظم…لكن لي مؤاخذات أولها أنك اتهمت الحاكمين الجدد بعدم الخبرة السياسية وقواعد الحكم. فهل من مضوا ولدوا خبراء من بطون أمهاتهم ؟ ولنفرض انهم خبراء ماذا قدموا لهذا البلد المنكوب غير الأزمات واقتصاد الريع والاغتناء غي المشروع واستنزاف خيرات البلاد والاستثمار في الخارج….
وكاني بك تلمز الأيدي المتوضئة ولا تريد أن تقارنهم بإخوانهم ببلدان الربيع العربي، فافتح عينيك تجد هؤلاء قدوة في نظافة اليد والنزاهة والتواضع والحكامة الرشيدة…
ولو أني لا أستسيغ منطق المؤامرة فلقد جعلت المخزن شبكة من الحتميات وجعلت ما سواه كالذباب وسطها لا حيلة له ولا قيمة ولا وزن. والمخزن الفاعل والآخرون منفعلون وهذا ليس منطقيا البتة. لا ننكر دور المخزن ولكن ليس بهذا الحجم الذي صوزته في المقال.
لم تشر إلى حجم الضغوط من لوبي الفساد على الحكومة ولم تتطرق لحماقات شباط الذي جعل من التعديل الحكومي مقدسا أو قربانا يجب التضحية بالجميع من أجله
المشكلة انك تنتقد و ليس لك بدائل و اقتراحات واقعية على الأقل اخرج الى الشارع و عبر عن آرائك و ادع الناس لتقيس افكارك هل لها اتباع ام لا ، لسنا محتاجين الى تشخيص او تحليل نحن محتاجون الى الوضوح في المواقف و الاختيارات و النزول للتعبير عنها ، لأننا نريد اصطفافات واضحة ، لا يهمني هل انت على صح ام لا. المهم ان تتضح الخريطة للمواطن ، بان هناك فريق يحكم و آخر يعارض سواء في الشارع او في غيره ، و لا تبقى يا اخي عبد الرحمن تردد علينا هذه التسابيح و الأوراد، هات بأتباع جماعتك الى الشارع و “فرجونا كما فرجنا الإخوة المسلمون في مصر ” و كفى من هذا اللف و الدوران ، لا تختبئوا اخرجوا ا الى لناس …للأسف ليس لديكم رؤية للإصلاح في المغرب و انتم تعيشون على الرؤى و الأحلام و الأوهام و تتغذون على اخطاء الآخرين . هل تنتظرون ان تمطر السماء بالمصلحين الذين سيفرشون لكم البساط و ينقوا لكم المشهد حتى تشاركو في المؤسسات. ان رسول الله (ص) كان يخالط الناس ويصبر على اذاهم ، خالط المنافقين و المشركين و غير من داخلهم ، ولم ينتظر حتى يموت ابو جهل او يمرض و غيره حتى يدخل الى معمعة التغيير . لقد سلكتم درب الكسالى الذين يمتطون الحلول السهلة و يحفظون الكلمات و المداخلات و يرددونها و يكررونها كالأذكار في كل موسم و في كل مناسبة . ان كان لكم بديل فتفضلوا اقنعوب به الشعب بجميع تلاوينه ، وارجوا الا تتعذر لي بان النظام سيبطش بكم لأن الظرف ربيع و الإخوة في مصر قدموا أثمان لم تقدموا منها حتى النزر ، قدموا الشهداء و السجناء ، و انت تعلم أن نظام مبارك ليس له نظير في الاستبداد و التنكيل واتمنى الا اتهم بانني مخزني او عميل. فالنقد فضيلة و لا خير في قوم لم يقبلو ا النقد خاصة اننا تعودنا منكم ضيق الصدر على النقد و طرد من عبر عن رأيه في جماعتكم والا قل بربك هل يوجد واحد منكم قدم و لو كلمة نقد واحدة على كتابات الشيخ عبد السلام رحمه الله ؟ و السلام عليكم .
حياكم الله أخوايا المعلقين على مقالي، لم أكن أريد التعليق، لكن لا بد للأخ رشيد أن أقول هذا مقال للنقاش لم يذكر العدل والإحسان ولم يتحدث باسمها، حقا أن متأسف لمثل هذا المستوى من النقاش.
أخواي عفوا