صمود الملتقى غباء مخزني وذكاء طلابي

0 446

الطالب عبد الجليل الحداد
الطالب عبد الجليل الحداد

عرف الملتقى الوطني 13 الذي نظمه الإتحاد الوطني لطلبة المغرب من25 إلى 30 أبريل 2013 بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة عدة أحداث متباينة عرفت اهتماما كبيرا من طرف الصحافة المغربية، وكذلك من طرف جل الكتاب والمهتمين بالشأن الطلابي.

فما طبيعة هذه الأحداث؟ وما السياق التي جاءت فيه؟ وماتجليات الغباء المخزني والذكاء الطلابي في هذه الأحداث.

نبد أحديثنا بطبيعة الأحداث التي وقعت في الأسبوع الممتد مابين 25 و 30 من أبريل حيث كانت جامعة ابن طفيل يومه الإثنين 25 أبريل على موعد مع التاريخ فعندما كانت الأوراش الإعدادية للملتقى في بداياتها  عرفت الجامعة عسكرة شديدة، بل وقبل وصول الوفود المشاركة عرفت طريقهم إلى الكليات عدة عراقيل، ومع ذلك استطاعت الوفود المشاركة ومعها طلبة جامعة بن طفيل الوصول إلى الكليات، وشرعت في الورش الإعدادي للملتقى، وفي أحد اللحظات من هذا الصباح إذ يقتحم المخزن الحرم الجامعي بكل همجية  ليدمر كل مايجده أمامه ويعبث بكل الأجهزة التي اكتراها الطلبة للملتقى واكتوت بها جيوبهم بل امتدت يده حتي للأغراض الشخصية للطلاب ليسرق وينهب منها لتصل الخسائر حسب التقرير الرسمي للإتحاد إلى 60 مليون سنتيم ، لتتصور أمام أعيننا أحد المشاهد التي لم ترى من قبل إلا في الأفلام الهوليودية في قاعات السينما.

جاءت هذه الأحداث وغيرها متزامنة مع سياقات متعددة ، أهمها سياق الربيع العربي والذي انتفضت من خلاله الشعوب العربية والإسلامية على حكام جبابرة جثموا على صدر الأمة لقرون عديدة، ربيع أزهرت فيه أراض لتتنسم عبق الحرية كتونس ومصر وليبيا فيما خدعت شعوب أخرى بنبيتات هنا وهناك حسبتها من أزهار الربيع، لكنها لم تتعدى أن تكون أشواكا شتوية كالمغرب، حيث تم الالتفاف على نضالات الشعب المغربي المتمثلة بالخصوص في حركة 20 فبراير بأوهام وأكاذيب من قبيل الدستور الجديد، وانتخابات تشريعية أشرفت عليها الداخلية، أعلنت فيها بأن نسبة المشاركة وصلت إلى 45 % مع العلم أن فئة كبيرة من الشعب قاطعتها، لتفرز ضحية أخرى من ضحايا اللعبة السياسية، إنها حكومة إسلامية انتظر منها الشعب المغربي أن تسقي له أزهار الربيع لكن سرعان ما تبين أن منابع المياه في ملك المخزن لوحده فقط .

لكن لاننسى أن الحراك الشعبي في المغرب قد كسر أحد كبار الأصنام في معبد المخزن، صنم الخوف الذي كان المخزن المغربي يستمد منه قدسيته وكاريزميته، ففي وقت كان ذكر النظام فيه يعتبر جريمة أصبح نقاش الشأن العام بين الناس شيئا عاديا، فأصبح هم المخزن الوحيد هو إطفاء تلك الشعلة المتيقدة و إرجاع الرعب إلى قلوب الشعب المغربي القائم في وجه الظلم لإنقاذ صنم الخوف من السقوط، فأصبح النظام المغربي رغبة في تحقيق هذا الهدف  لا يميز بين تدخل يضيع مصلحته وآخر يصونها.

فكان التعامل مع الملتقى الوطني 13 بمنطق الغباء هذا، بغية إرجاع الرعب في صفوف الطلاب، رغم أن المخزن المغربي يعرف أنه سيتكبد خسائر عديدة في هذا الملف خصوصا فيما يتعلق بصمعته التي لطالما زينها أمام الرأي العام الدولي ، كما خسر في محطات عديدة لم تنفع معها سياسة العصا الغليظة في التعامل مع الحركة الطلابية، كان أبرزها الدورية الثلاثية سنة 1997 والتي لم تزد الإتحاد الوطني لطلبة المغرب إلا مثابرة وثباتا على المواقف . فأين يتجلى الغباء المخزني والذكاء الطلابي؟

تعامل النظام المغربي بعنف وعسكرة شديدين مبررا تدخلاته بأوهام واهية، أقلها غباءا أن الملتقى لم يحصل على رخصة من طرف السلطات المحلية ناسيا بأنه  لم يحرك ساكنا في 12 دورة مرت كانت في عين المخزن مرخصة فكان تغير التاريخ مفسدا لصلاحيتها، فكان التدخل صبيحة يوم الإثنين 25 من مارس 2013 أول حلقات غباء النظام.

كان غبيا لأنه لم يعرف أن تحالف ثلاث وزارات في 1997 لم يستطع ثني عزيمة الطلاب في بناء صرح الإتحاد في صحراء سنوات الجبر والرصاص.

كان غبيا لأنه لم يعرف أن من يشيد بناء الإتحاد الوطني لطلبة المغرب كان مبدأه الثابت هو لا للعنف بجميع أشكاله ومصادره… .

 كان المخزن غبيا لأنه لم يتذكر أن الله تعالى يقول في كتابه الكريم : “وكان حقا علينا نصر المومنين”)الآية 47 من سورة الروم )

 

وفي مقابل هذا الإنحطاط المخزني تميز الموقف الطلابي بالحكمة البالغة ،حيث كان رد فعل الصف الطلابي هو الصمود والإستمرار والسير بالقافلة إلى الأمام وإن كان نباح الكلاب لم ينقطع .

فكان الطلاب بموقفهم أذكياء لأنهم فهموا أن المخزن يريد اختبار طلاب لطالما وقفوا في وجه طغيانه وجبروته في مختلف الجامعات المغربية.

كانوا أذكياء لأنهم لم يستجيبوا لاستفزاز المخزن ووضعوه في محل الهجوم والدفاع عن نفسه في نفس الوقت.

كانوا أذكياء لأنهم فهموا مغزى قول المربي الجليل الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله في رسالته الخالدة – رسالة إلى الطالب والطالبة – “ولا تضيعوا فتوتكم في عنف رافض وحوار غامض ،أنظروا بعيدا فسيأتي يوم قريب إن شاء الله تتجلى فيه أوهام حاكها كذب الحكام على رقاب المسلمين”(ص 27)

كانوا أذكياء لأنهم فهموا أنهم أرادوا أن يجعلوا ملتقاهم وطنيا وأراد الله أن يجعله دوليا

كانوا أذكياء بفعلهم فصنعوا تاريخا كتبت كلماته بمداد من ذهب لتبقى راسخة في ذاكرة الحركة الطلابية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.