بواحة سكورة تقنية البناء بالتابوت – Agaouar badia
تقنية البناء بالتابوت بواحة سكورة
Technique de construction en coffrage
Dans l′ oasis de skoura
لمحة عن منطقة سكورة
جماعة سكورة تقع بإقليم ورزازات شرق الأطلس الكبير والأوسط وتشغل جزءا من منخفض الرشيدية الذي يعتبر بدوره جزءا من المجموعة الجيولوجية المسماة بالحادث الإفريقي فالمنطقة عبارة عن حادور شاسع يضيق كلما اتجهنا نحو الجنوب فهي منطقة تنحصر بين جبال الأطلس الكبير والأوسط شمالا وجبل صاغرو الذي يشكل جزءا من الأطلس الصغير جنوبا هذا بالإضافة إلي أنها
أما فيما يخص الإحداثيات الجغرافية فمنطقة سكورة تقع بين خطي طول30∙6 و40∙6 وخطي عرض 70∙ 30 و10∙31 لكن المنطقة تنتمي إلى النطاق الشبه صحراوي الذي يتأثر بالتيارات الصحراوية الحارة صيفا والباردة شتاء(تصل الى ما تحت الصفر) وذلك لانفتاحها على الجنوب وبالمقابل فوجود سلسلة الأطلس الكبير تحول دون تسرب بالتيارات المحيطية الرطبة إلى هذه المنطقة فيما يخص تزويد الفرشة الباطنية بالمياه انعكست بشكل واضح على الغطاء النباتي (شبه شوكي) واستغلال التربة وتعد القلب النبض لحياة الساكنة انسجموا معه ∙
أما تاريخها فذهب أحمد توفيق إلى أن نشأة قبيلة سكورة يكتنفها بعض الغموض تاريخيا إذ من الصعب الارتكان لشيء محدد ويقول وليس من المستبعد أن يكون قبيل هسكورة قد نشأ في عصور غامضة من طرف رعاة رحل هاجموا ابتداء من التخوم الصحراوية منطقة الأطلس المركزي بين تيزي نتلوات وتيزي
نفدغات واسترسل القول استنادا لأعمال محمد المكي الناصري في كتابه طليعة درعة الذي أطلق عليه اسم واد الزيتون على واد درعة لوفرة أشجار الزيتون به لأن سكورة كانت تابعة لواحة درعة استقر بها السكان وقد جلبوا معهم أغراس شجيرة الزيتون التي تعد اليوم موردا اقتصاديا أساسيا
وأفضت مقاربة كاتفوسي بين وثيقتين من تاريخ المنطقة الى الترابط الوثيق بين الأحباش و الكوشيين من جهة وبين الحراطين المنتشرين على الشريط الجنوبي بين تافيلالت ودادس ونواحي المغرب ∙
استخدم الإنسان في إقامة مبانيه مواد وتقنيات متنوعة ملائمة لبيئته وثقافته وتستجيب في نفس الوقت لحاجياته ونمط عيشه كما تمكن الإنسان من تطوير هذه المواد والتقنيات لتواكب التغيرات التي عرفها عبر العصور كذلك الحال بالنسبة المنطقة سكورة التي اعتمد فيها الإنسان منذ القديم على البناء الطيني الذي اكتسى أهمية كبيرة بالمنطقة وقد برع الإنسان السكوري في هذا البناء مستعملا في ذلك تقنيات متعددة منها تقنية اللوح التابوت وهي من التقنيات السائدة بواحة سكورة منذ القديم وصولا إلى الفترات الحالية ونجد هذه التقنية أكثر انتشارا في المناطق الشبه صحراوية باعتبارها أحسن وأهم مكان لتواجد هذا النوع من البناء فما هي العوامل المتحكمة في البناء باللوح وما هي الطريقة والأدوات المستخدمة في ذلك ؟
إن انتشار البناء باللوح بواحات الجنوب عامة ومنطقة سكورة خاصة يرجع إلى عوامل طبيعية مناخية إذ تؤثر بشكل كبير على تطور المسكن وخصائصه المعمارية مع مراعاة درجة الحرارة اليومية وقوة الرياح فالمواد المستعملة بالمنطقة تتلاءم مع مناخها الذي يندرج ضمن النطاق الصحراوي المتميز بالحرارة والجفاف صيفا والبرودة مع قلة التساقطات شتاء و عوامل اجتماعية واقتصادية تتمثل في كون الهم الوحيد للسكان هو تأمين السكن بأقل ما يمكن من التكاليف والنفقات المادية وكذلك تأمين متطلبات تنظيم العمليات المعاشية لمختلف فئات الأسر وهذه التعقيدات السوسيومجالية تفرضها الظروف الطبيعية و المناخية التي تتميز بالشح والقسوة التي تملي على السكان تدبير اقتصاد الندرة والخصاص الذي يرتكز على الفلاحة∙
وللبناء باللوح طريقته الخاصة به فبعد اختيار المكان والذي يكون مستجيبا لمجموعة من الشروط منها جودة التراب المستعمل في البناء والقرب من مصادر المياه يشرع مباشرة في عملية البناء بواسطة اللوح” التابوت” حيث يتبث لوحان من الخشب مقدران طولا وعرضا ويوضعان على أساس يكون قد أعد سابقا إذ يتم حفر الأرض لوضع الأساس ثم يوضع الحجر ويوصل بينهما بأذرع من الخشب يربط عليهما بالحبال وتسمى ب “الكشكال” ويسد الجهتان الباقيتان من ذلك الخلاء بينهما بلوحين آخرين صغيرين الجبهة ثم يوضع فيه التراب مخلطا بالكلس ويركز بالمراكز المعدة جيدا حتى تختلط أجزاءه ثم يضاف التراب ثانيا وثالثا إلى أن يمتلأ ذلك الفراغ بين اللوحين وتكون أجزاءه قد تداخلت وصارت جسما واحدا ثم يعاد نصب اللوحين مرة ثانية حتى ينظم الحائط كله ملتحما كأنه قطعة واحدة ويسمى “الطابية” وصانعه “الطواب” وتتطلب عملية البناء باللوح أربع إلى خمسة عمال من أجل اللوح الواحد حيث أنهم يتناوبون على الركز على التراب داخل التابوت ويأخذ اللوح يوما أو يومين كاملين ليجف وبعد الانتهاء منه يسقى بالماء ويبيت فيه ليلة كاملة فإذا تسرب الماء داخل اللوح يعاد اللوح من جديد لأنه يكون غير تابت وإذا لم يتسرب يعني أن اللوح سيكون قويا ∙
ومن بين الأدوات التي ترتبط باللوح نجد الفأس “المعول” (العتلة) للحفر ثم “الدلو” أو “القفة” لنقل التراب والمركز الذي بواسطته تتم عملية الدك بالإضافة إلى “القياس” وهو الذي يساعد في الحفاظ على الاتساع المطلوب في اللوح و”الكشكال” المذكور سابقا و”المكراط” (المحشة) والخباطة كأدوات لوضع الشكل النهائي
وتجدر الإشارة إلى أن عملية البناء باللوح في واحة سكورة تزخر كذلك ببعض الأشعار الدينية يذكرون فيها الله ويصلون على الرسول صلى الله عليه وسلم التماسا لمساعدتهم ونجاح عملهم كما إن التابوت يستعمل بالمنطقة كسور يحيط بالحقول (الجنانات) ∙
نخلص إذا أن تقنية التابوت و إن لم تكن التقنية الأولى المستخدمة في البناء بالمغرب عامة وسكورة خاصة إلا أن هذه الأخيرة اهتمت بها اهتماما كبيرا فرغم تطور مواد أساليب البناء فسكان المنطقة حافظو عليها فهذه التطورات لم تؤدي بهم إلى التخلي عن هذه التقنية الفريدة من نوعها وان كانت ظروف المناخ وطريقة عيش السكوريين هي التي فرضت هذا النوع من البناء فاعتبرت ظاهرة تراثية توارثها الإنسان السكوري مع مرور الزمن جيلا بعد جيل وتفننوا فيها وهذا إن دل على شيء إنما يدل على محافظتهم على طريقة عيشهم البسيطة∙
من انجاز الطالبة˸
Agaouar badia – اكاور بديعة