تاريخ الجماعات المحلية بالمغرب من الاستقلال الى دستور 2011
تعتبر الدول التي تأخذ بالجماعات المحلية أو الترابية من الدول الديمقراطية ، ذلك أنه لا يمكن لأي دولة اليوم أن تسير من المركز ، لذلك تم التفكير في إنشاء الجماعات المحلية من أجل تخفيف العبء عن المركز ، وتقريب الادارة من المواطن ، ومن أجل أيضا توسيع مشاركة السكان في تسيير أمورهم الاجتماعية والاقتصادية ، وأيضا من أجل تعزيز المثل القائل بأن ” أهل مكة أدرى بشعابها .
فالجماعات المحلية بالمغرب عرفت مسار جد متميز ، ذلك أن السلطة ستعي منذ بداية الاستقلال الاهمية التي يمكن أن تلعبها هذه الوحدات الترابية ، بل هي الالية التي ستمكنها من التحكم في المجال وبالتالي تجاوز المخاطر التي يمكن أن تنتج عن عدم اعتماد هذا الاسلوب ، بحيث تجدر الاشارة أن المغرب قبل الحماية الفرنسية تميز بالتقسيم الشهير “بلاد المخزن ” “بلاد السيبة” والتي ساهمت بشكل كبير في إضعاف السلطة ، وساهمت بشكل مباشر في دخول الحماية الفرنسية الى المغرب .
لقد كانت سنة 1959 بداية لتقنين النشاط الجماعي من خلال ظهرين ، يتعلق الاول بالنظام الانتخابي أما الثاني فيتعلق بالتقسيم الاقليمي حيث قسم البلاد الى 16 اقليما وعمالتين ، ومما يلاحظ عن هدا التقسيم هو أنه لم يعطي أي اهتمام للعامل الاقتصادي ولا العامل السوسيولوجي بل كان العامل الاداري والعامل الامني هو المسيطر على هدا الظهير .
لكن سنة 1960 ستكون الانطلاقة القانونية الاولى للنظام الجماعي بالمغرب من خلال صدور أول قانون ينظم الجماعات الحضرية والقروية ، إلا أن مايميز هدا القانون هو عدم تمتيعه للجماعة بصلاحيات مهمة على مستوى تدبير الشأن المحلي ، بحيث تقول الاستادة مزروع فاطمة في كتابها الإدارة المحلية اللامركزية بالمغرب “…فالاختصاصات الممنوحة للمجالس المنتخبة هي اختصاصات جد محدودة ، وفي المقابل تم تقوية صلاحيات السلطات المركزية وممثليها على المستوى المحلي بحيث جعلت “.
إن ما ميز هده المرحلة هو أن السلطة المحلية نقصد هنا الباشا أو القائد كان صاحب الكلمة الاولى والاخيرة في الشأن المحلي في كل صغيرة وكبيرة على مستوى الجماعة ، وهدا راجع ربما الى غياب الخبرة بالنسبة للمنتخبين في تسيير وتدبير الشأن العام المحلي ، والى ضعف المستوى الثقافي للمنتخب الجماعي ، فكان بدلك اللاتركيز السمة المسيطرة على النظام الجماعي لما بعد الاستقلال .
كما أن السمة التي ميزت الاختصاصات الجماعية في هده المرحلة هو هيمنة الطابع الاداري على الاختصاصات ، فالجماعة في هده المرحلة لم تناط بها أي مهمة في مجال التنمية لا الاقتصادية ولا الاجتماعية ولا الثقافية ، بل حتى الاختصاصات الادارية نفسها لم تستطيع الجماعة أن تمارسها بحرية ، دلك أن سلطة الوصاية كانت صاحبة القرار في كل شيء يخص الجماعة .
أحمد ناني
يتبع