حلم التأهل المفقود
عرف بحر هذا الأسبوع سلسلة امتحانات، اختلفت بين الامتحانات المدرسية التي اجتازها تلاميذ السنة الثانية بكالوريا تحت مسمى “الامتحان الوطني للباكالوريا”، والذي مر في مناخ تربوي ملائم وجيد حسب تصريحات وزارة التربية الوطنية، بفعل كتلة من الإجراءات القانونية الزجرية لضبط حالات الغش وردع الغشاشين. ويوم 15-06-2013 اجتاز المنتخب الوطني لكرة القدم امتحانا في مادة الرياضيات، بحيث تبيّنَ أن ما يتقنه هذا المنتخب هو عملية الحساب؛ ففي كل تظاهرة رياضية، سواء كانت دولية أو إقليمية، يحتاج فيها المنتخب الوطني المغربي لامتحان في مادة الحساب، يسمح له، أحيانا، باستعمال الخشيبات والآلة الحاسبة، لكي يضمن مكانه في التأهل إلى أي مسابقة دولية أو إفريقية كروية.
ورغم الاستراتيجيات والخطط الكفيلة بتكوين نخبة كروية وطنية تليق بسمعة هذا البلد والدفاع عن ألوان القميص الوطني في مختلف المحافل الدولية، فإن الواقع أظهر العكس. فرغم الميزانيات التي تصرف في جلب المدربين الأجانب كان آخرهم البلجيكي “إريك غريتس” الذي كان يتقاضى ما يناهز 250 مليون سنتيم، والذي صرح بأن صبيب أجرته يتغير على رأس كل شهر نتيجة التعويضات الخيالية، بالإضافة إلى كلبه الذي يتناول وجبات غذائية لا يحصل عليها إنسان مغربي متوسط الدخل. كما خصص له ممول (تريتور) خاص به حسب ما صرحت به بعض وسائل الإعلام. أما المدربين المحليين فيبيعون الوهم للشعب، كما صرح بذلك الإطار الوطني “بادو الزاكي” الذي طال الزمن أم قصر سيعود إلى عرين الأسود إن وجدت الأسود أصلا !! فقد أصبحنا اليوم أمام منتخب عقيم عاجز عن حسم الأمور منذ البداية كما هو الحال بالنسبة للمنتخب الآلي التكنولوجي الياباني الذي حسم تأهله إلى مسابقة كأس العالم، بحيث نحتاج في كل مناسبة رياضية إلى القيام بعمليات حسابية…
ونحن نقف اليوم عند تصفيات كأس العالم، والتي يخوض المغرب مجرياتها أمام المنتخب الغامبي؛ فالأول مطالب بالفوز بسبعة أهداف، وانتظار هدية من الفيل الإيفواري المجتهد ضد منتخب تنزانيا للإبقاء بحظوظنا في التأهل إلى أكبر مسابقة رياضية عالمية.
المدرب يتأرجح بين جنسية وطنية أو أجنبية ويتغير في كل موسم كروي، والتشكيلة متنوعة. إنها عبارة عن خليط بين المحليين والمحترفين. لكن رغم ذلك السياسة الكروية فاشلة والجمهور يضحي بالمال والزمن من أجل حضور وتشجيع المنتخب الوطني، إلى درجة أن هناك من أوصله جنون حبه للمستديرة إلى السجن، نتيجة أعمال الشغب الناتجة عن إخفاقات السياسة الكروية المغربية الوطنية أو المحلية. لذلك نتساءل: من يتحمل المسؤولية؟ المدرب الوطني، الذي يتلقى مكالمات هاتفية لإقحام لاعبين في التشكيلة الوطنية رغم ضعف كفاءتهم الكروية؟ أم المدرب الأجنبي الذي يستنزف خزينة الجامعة الكروية بأجور سمينة ولا يقدم النتائج؟ أم اتصالات المغرب المساند الرسمي لأسود الأطلس؟ أم اللاعبون المحليون الذين لا يملكون التجربة الاحترافية؟ أم اللاعبون المحترفون الذين لا يحمل بعضهم ذرة المواطنة المغربية في قلبه؟ والدليل على ذلك أن بعضهم لم يحفظ حتى النشيد الوطني، في الوقت الذي يقدمون فيه الشيء الكثير لفرقهم الأوربية ويعجزون عن ولوج شباك الخصم أثناء اللعب مع الأسود.
إجمالا مهما حاولنا تقديمه من إجابات عن هذه الأسئلة، فإن من يتحمل كامل المسؤولية هي الجامعة الوصية على قطاع كرة القدم، في شخص رئيس هذه الجامعة الذي لا علاقة له بميدان كرة القدم؛ إذ نكاد نجزم بأن رجله لم تمس الكرة أبدا. من مدير المكتب الوطني للماء والكهرباء إلى رئيس الجامعة. فأية علاقة تربطه بكرة القدم؟ أليس هذا مظهرا من مظاهر غش الشعب من خلال إسناد أمور تسيير جامعة حساسة إلى شخص لا يفقه شيئا في كرة القدم والتي أعتقد بأنه منها استمد ثراءه. فحسب ما صرحت به بعض المواقع الإعلامية الإلكترونية تمكن من اقتناء شقتين رفقة زوجته ياسمينة بادو في أرقى الأحياء الباريسية. أم أن الأمر يقتصر فقط على الامتحانات الإشهادية فقط؟
لقد آن الأوان للإعلان عن رغبة حقيقة للإصلاح الرياضي من خلال إعادة ترتيب الأوراق داخل الجامعة المسؤولة عن الأداء الهزيل للنخبة اللاوطنية، وإعلان سياسة رياضية وفق رؤية شمولية واضحة الأهداف واعتماد برنامج رياضي تدريبي صارم وكذا اعتماد مبدأ التنافسية داخل كتيبة المنتخب. ولما لا إحداث مدارس كروية في مختلف جهات البلاد لانتقاء أجود العناصر الشابة قصد إعدادها وتكوينها لتشكل أساس ونواة منتخب وطني متين…
وتأسيسا على ما سبق فالمغرب أمام خيارين؛ الأول التعبير عن إصلاح رياضي كروي حقيقي. والثاني إغلاق باب كرة القدم نهائيا وتوجيه الميزانيات المرصودة نحو قطاعات اجتماعية كالصحة. ففي هذا المجال ما زال المغرب يسجل معدلات قياسية في وفيات النساء الحوامل وللأسف الشديد هناك من يلد منهن في الشارع وفي مراحيض المستشفيات. أما التعليم الذي يعد قاطرة التنمية وأساس تقدم المجتمعات البشرية فوضعه أصعب. عموما إن الميسم المميز للمغرب: سياسة رياضية، تعليمية، صحية واقتصادية… فاشلة. فلا غرابة إذن مادام يقال بأن السياسي رجل مهمته الكذب. وهذا حال السياسين المغاربة.
كما تكونوا يولى عليكم،.. قد يكونوا هذا أيضا حال الكتاب،.. من يدري…؟
كيف السي اسماعيل لم افهم ماذا تقصد من تعليقك؟؟