أخذتني ذات يوم من أيام الله نوبة شعورية وتأملية عميقة كثيرا ما تعاودني بين الفينة والأخرى، فأخذت أقلب فكري حول واقع شباب منطقة تنغير وأحواله ومعاناته عبر دروب الألم والمعاناة والتهميش والإهمال واللامبالة والحرمان…
علني أجد نماذج شبابية تصنع الابتسامة والأمل و تكون نبراسا لصناعة مستقبل أفضل لشباب وأبناء هذه المناطق.
والمنطقة لاشك أنها تزخر بطاقات واعدة، وعقول نيرة، وسواعد مشمرة، لطالما اصطدمت أمام حجرة عثرة الواقع المرير، وعقبات حالت دون صقل مواهبها ومهاراتها الخلاقة والإبداعية، ملتحفة بذلك الصبر والتحمل أحيانا، الإنتظار في طابورات طويلة لا تنتهي، والاستسلام للفشل والهزيمة و أحايين كثيرة .
وبينما أنا على هذا الحال قدر لي أن ألتقي بشاب لطالما اعتبرته متألقا ومتميزا، صبورا، خلوقا، ناجحا، متفوقا…
كثيرا ما تعلو الابتسامة محياه، يمكن أن يكون قدوة ونبراسا لكثير من شباب المنطقة، وأن يكون شعلة لصناعة الأمل والتفاؤل والتغيير، شاب يحث الخطى بثبات نحو التفوق والعطاء الذي لا ينضب .
شاب دخل غمار علوم التنمية البشرية والذاتية مبكرا، أثبت جدارته وأحقيته بلقب أستاذ مدرب في مجال التنمية البشرية رغم حداثة سنه
شاب ليس عنوانا لمنطقة تنغير بعينها، بل يمثل كل مناطق المغرب العميق والمنسي،خاصة مناطق الجنوب الشرقي للمغرب إلى جانب متألقين ومتميزين آخرين في مجالات أخرى .
إنه الشاب المدرب المتألق محمد وخلفن، الذي لم ينفرط عقد الثالث بعد، فهو ابن 21 سنة، من مواليد تنغير، سنة 1992، احترف التجارة منذ صغره مع والده الذي لطالما نهل منه الكثير من علامات التفوق والنجاح .
لم تمنعه التجارة والوقوف بجانب والده أن يتسلق سلم البحث عن فرص أخرى في رحلته للبحث عن الذات،و لتطوير مهاراته، وصقل مواهبه، وتفجير طاقاته الإبداعية والخلاقة.
ولم تمنعه أيضا بعد الشقة والمسافة في أن يوفر حيزا زمنيا بين زحمة مشاغل الحياة، وصخب التجارة؛ وفي أن يخصص برنامجا لمتابعة اهتماماته وطموحاته العلمية والدراسية والبحثية ؛ فهو الآن منكب على الماستر المصغر في مجال الإدارة بأحد المعاهد الجامعية بلبنان.
شد الرحال للكثير من المدن المغربية لكي يحضى بفرصة التدرب على يد مجموعة من أفضل المدربين المعتمدين على الصعيد الوطني والدولي في مجال التنمية البشرية ، استطاع في مدة وجيزة أن يحصل على مجموعة من الدبلومات والشواهد التقديرية والجوائز التحفيزية عبر دورات كثيرة ومتنوعة.
وبدوره أشرف على تدريب أعداد هائلة من الطلبة والتلاميذ والمتدربين في العديد المراكز الثقافية والتربوية والشبابية بمناطق متعددة خاصة بمناطق ورزازت وتنغير التي درب فيها ما يناهز 200 متدرب.
حضي بشرف لقب مشعل المدربين المغاربة في التنمية البشرية في إحدى الملتقيات بمراكش من طرف الأستاذة الدكتورة المدربة فوزية بوكريكن، وهو من خريجي برنامج قادة الجيل الجديد.
كل ذلك أهله ليكون مدربا معتمدا بأكاديمية الكونكورد الدولية وبأكاديمية الحياة الدولية، وكذا بمجموعة من المراكز الوطنية، وهو كذلك مدرب ومعد ومؤطر لبرنامج القائد الآخر 2011
ولازال لحد الآن يقدم مجموعة من الدورات التدريبية والبرامج في عدة تخصصات من أبرزها :
– التواصل الأسري-
– التخطيط الشخصي المتميز
– فنون المقابلات الشخصية
– صناعة التغيير بمبادىء القرآن الكريم .
وفي عالم البحث والكتابة والتأليف؛ أبى إلا أن يخط بقلمه خلاصة تجربته طيلة هذه المدة اليسيرة التي قضاها في رحاب هذه العلوم والتخصصات المتعددة والمتنوعة، ليبصم بقوة بين كبار الأساتذة والباحثين، ويوقع بالعريض على تأليف كتاب في طور الإصدار، وقف فيها متتلمذا بين ثنايا دفتي القرآن الكريم، تحت عنوان : “صناعة أمة بمبادىء القرآن الكريم”.
كما أن له مجموعة من الأبحاث والدراسات في التنمية البشرية والذاتية لا تزال حبيسة الرفوف.
وغيرة على منطقته، ومساهمة منه في تنميتها، وفي إخراجها من التهميش والتعتيم.
وحتى يستفيد أبناء وشباب المنطقة من إبداعاته وقدراته وخبراته، قرر بعد جهد جهيد، وبعد محاولات متكررة مع مجموعة من الشركاء تأسيس و إخراج معهد جديد أطلق عليه معهد الأمل للاستشارات والتداريب، سيرى النور عما قريب في تنغير تحت إشرافه ورئاسته .
انتهى اللقاء مع الشاب محمد، لم أنتبه خلال هذه المدة القصيرة التي أمضيتها معه صحبة كأس شاي تنغيري –مشحر – للوعة الحديث ومتعته الذي تجاذبته معه
وعد المدرب محمد بالكثير من العطاء في قابل الأيام قبل أن أودعه، عاقدا العزم على أن يفتح ذراعيه ويضع تجاربه وقدراته رهن إشارة كل من يريد الاستفادة من هذا المجال، و كله أمل في المساهمة في تنمية هذه المناطق، وخدمة لهذا الجزء الكبير من المغرب العميق والمنسي .