خلاصات الندوة الفكرية حول سياسة التشغيل بالمغرب
خلاصات الندوة الفكرية حول سياسة التشغيل بالمغرب
الحسين المزواري
تـــــقـــديـــم
بتنسيق مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، نظمت مجموعة الإدماج الفوري للأطر العليا المعطلة 2011، ندوة فكرية تحت عنوان:”سياسة التشغيل في المغرب:الوعود والحصيلة”، وذلك يوم 27 يونيو2013 بقاعة نادي هيئة المحامين بالرباط، وتأتي هذه الندوة في سياق النضالات الموازية التي تقوم بها المجموعة لنضالاتها الميدانية.
وقد افتتحت الندوة، بعرض شريط يوثق لمسار الأطر العليا المعطلة المرابطة بشوارع الرباط، وبتصريحات المسؤولين الحكوميين حول الوعود التي قدموها حول معضلة التشغيل، وخاصة حزب العدالة والتنمية، كما عرض الشريط لواقع حقوق الإنسان بين الخطاب الرسمي وواقع الساحة النضالية.
وقام بتنشيط هذه الندوة كل من الأساتذة:
الأستاذ أحمد الهايج : رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
الأستاذ علي فقير : أستاذ جامعي متخصص في علوم التدبير ومعتقل سياسي سابقا وناشط حقوقي.
الأستاذ حميد النهري : أستاذ جامعي-قانون العام- تخصص المالية العامة والقانون الضريبي.
فيما اعتذر كل من الأساتذة :عزالدين أقصبي وحسن طارق.
مداخلات ومقترحات الأساتذة المحاضرين
+مداخلة الأستاذ أحمد الهايج الذي تحدث من خلالها عن الحق في العمل والحقوق المرتبطة بها كالحقوق النقابية التي تستمد شرعيتها من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ومن ميثاق منظمة العمل الدولية المحدثة سنة 1919.
وقد ركز الأستاذ المحاضر على أن للشرعة الدولية لحقوق الإنسان لها طابع شمولي أكبر من اتفاقيات منظمة العمل الدولية نظرا للإشكاليات المتعلقة بالتصديق عليها أو بالتحفضات التي قد تطال بعض بنودها.
مضيفا أن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خصص أربعة مواد من المادة 6 إلى المادة 10 للحديث عن حق العمل وما على الدولة توفيره لموا طينها من أجل الاستفادة من هذا الحق على قدم المساواة.
فالدولة حسب الأستاذ المحاضر لا يجب أن تكتفي بتيسير الولوج للوظيفة العمومية كما هومنصوص عليه في دستور 2011، بل من الأجدر ومن الإلزامي عليها أن توفر هذا الحق وأن تحققه لمواطنيها، حيث أشار في هذا الصدد على أن السياسات المطبقة في المغرب منذ استقلاله كانت السبب الرئيسي وراء الأزمة المتعلقة بالشغل.
وقد اختتم مداخلته بمقترح موجه للأطر المعطلة المرابطة بشوارع الرباط، يتعلق بإنجاز تقارير موازية لتقديمها للجهات المختصة حول سياسة التشغيل بالمغرب تتضمن معطيات وأرقام حقيقية.
+ مداخلة الأستاذ علي فقير، بدأها أولا بتحديد طبيعة الاقتصاد المغربي بكونه: اقتصاد رأسمالي تبعي مخزني. وكما أشار على كون القطاعات الحيوية بالاقتصاد الوطني كالفلاحة والسياحة والنسيج ترتبط بالسوق الخارجية الشيء الذي يجعلها قطاعات غير حيوية ولا تساهم في الاقتصاد الوطني عن طريق خلق فرص للشغل إلى غير ذلك.
كما أضاف الأستاذ المحاضر أن سياسة الاستدانة الخارجية كان لها تأثير على السياسات المتبعة من طرف الدولة في جل القطاعات العمومية.
وقد عاب على الأطر المعطلة بشوارع الرباط العقلية الفئوية الغالبة عليهم وكذا غيابهم عن حركة 20 فبراير.
وفي نفس السياق قدم مقترحات يمكن تقسيمها إلى تلك التي تتعلق بملف الأطر المعطلة وثانيا المتعلقة بالاقتصاد الوطني ككل:
المقترحات المتعلقة بملف الأطر المعطلة:
– خلق تنسيقية وطنية.
– الاستمرار في النضال من أجل انتزاع المكاسب.
– إعطاء ملف المعطلين بعدا سياسيا.
المقترحات المتعلقة بتطوير الاقتصاد الوطني:
•على مستوى الموارد:
– سن ضريبة تصاعدية على الثورة.
– محاربة ظاهرة التملص الضريبي.
– سن ضريبة عالية على السكن الثانوي.
– الرجوع إلى نسبة 30 في المئة من قيمة الضريبة على القيمة المضافة على الكماليات.
– زيادة في الضرائب المتعلقة بالسكن الراقي.
– الزيادة في الرسوم الجمركية المفروضة على المواد المضرة بالاقتصاد الوطني.
– سن ضريبية تصاعدية على الشركات الكبرى.
– سن ضريبية تصاعدية على المعاملات المالية والمضاربات المالية.
– استرجاع الأموال المنهوبة.
– إخضاع المستفيدين من القطاعات غير المهيكلة للضرائب.
– تقوية القطاع العمومي:
* تأهيل القطاعات الإستراتيجية.
* إنجاح المقاولات العمومية.
* ضمان التسيير العقلاني للمؤسسات العمومية.
*استرجاع أراضي الدولة.
• على مستوى النفقات:
– تخفيض أجور الموظفين السامين والوزراء ومدراء المؤسسات السياسية، وتحديد الحد بين الحد الأعلى والحد الأدنى في الأجور.
– تخفيض الاعتمادات لوزارات السيادة والدفاع.
– حذف الدعم المالي للأحزاب والنقابات البرلمانية.
– إلغاء تمويل الصناديق الخاصة.
– مراقبة النفقات العمومية.
– حذف الدعم المالي للحملات الانتخابية.
– تقليص عدد البرلمانيين.
+مداخلة الأستاذ حميد النهري، الذي بدأ بتسجيل المفارقة بين نوعية خطاب المؤسسات الرسمية وممارستها، بالإضافة إلى مدى تأثير تطبيق سياسة التقويم الهيكلي على سياسة التشغيل بالمغرب، وكذا توصيات صندوق النقد الدولي وسياسات الباطرونا على الحد من خلق فرص الشغل بالمغرب.
كما تحدث الأستاذ المحاضر عن مفهوم يتميز به الاقتصاد الوطني والذي أطلق عليه« libérales al marocain ».
إذن فالمشكل حسب الأستاذ المحاضر يكمن في التوزيع الغير العادل للثروات، ومنه انطلق وأعطى حكما على كون القطاع الخاص بالمغرب هوقطاع غير راشد غير مواطن غير مؤهل غير ذومصداقية.
كما انتقد نفس المتدخل الحكومة الحالية التي تطالب الطبقة العاملة بالصبر وتفهم ظروف الأزمة وتحمل الزيادات في الأسعار وفي الضرائب والتقشف وتجميد الأجور وتصفية أنظمة الحماية الاجتماعية والتسريحات الفردية والجماعية، نجدها في المقابل تعلن عن عفوها عن ناهبي المال العام بمقولة عفا الله عما سلف، والرزق بيد الله.
وحدد الإشكاليات التي يوجهها الاقتصاد المغربي وما مدى تأثيرها على قطاع التشغيل ولخصها في:
– مشكلة التمويل.
– طبيعة الاقتصاد المغربي المرتبط بتقلبات الرأسمالية العالمية.
– تأثير المغادرة الطوعية على الموازنة العامة.
– الفساد والاقتصاد غير المهيكل.
– لوبيات الفساد وعرقلة التنمية بالمغرب.
– الإعفاءات الضريبية ومدى تأثيرها على ميزانية الدولة ودورها على سياسات العمومية
بالمغرب بصفة عامة.
وقد اقترح في هذا المجال على الدولة:
– التعويض عن البطالة.
– إصلاحات عميقة على الصعيد المالي.
– مناظرة وطنية تجمع كل المهتمين حول سياسة التشغيل بالمغرب وكتحدي للحكومة الحالية.
مقترحات للأطر المعطلة:
– تبني شعارات تكون أكثر تعبيرا عن مطالبها.
– تكوين أطر مؤهلة للحوارات والنقاشات مع المسؤولين الحكوميين والمتخصصين.
– صياغة مطالب محددة لكي تقنع الدولة.
الخـــــــلاصـــــات
لا زالت سياسة التشغيل المنتهجة من الطرف الحكومة سنة 2013 هي نفسها المنتهجة من طرف الدولة منذ أكثر من عقد من الزمان رغم كل التحولات التي عرفتها وتعريفها منطقتنا المغاربية، والعربية ، ورغم الأزمة الاقتصادية التي تخيم على العالم منذ 5 سنوات، تجعل السياسات الهادفة إلى إنعاش التشغيل وخاصة بالنسبة للشباب تستورد من النموذج الليبرالي المرتكز أساسا على إجراءات في جوهرها موجهة لخدمة مصالحه.
وبمعنى أكثر وضوح ترتكز سياسة الدولة في ميدان التشغيل، وخاصة بالنسبة للشباب على خلاصات مناظرة الصخيرات ” مبادرة التشغيل”، والتي تمخضت عن ثلاث برامج لإنعاش التشغيل تحت مسميات »إدماج، تأهيل، مقاولتي».
وبعد انطلاق هذه البرامج لأكثر من 5 سنوا، فإن الحصيلة على مستوى الواقع كانت مخيبة حتى بالنسبة لواضعي هذه البرامج، وكل الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تأكد فشلها.
وعلى نفس المنوال تسير الحكومة الجديدة من خلال تسخين وجبات الأمس مع إضافة توابل من نفس العينة، وهكذا اقترحت برنامج »مبادرة، تأطير، استيعاب».
إن السياسات المغربية المبلورة إلى حد الآن لامتصاص البطالة قد أبانت عن محدوديتها وفشلها الذريع، والغريب في الأمر أن الإجراءات المتخذة في إطار ما يسمى بخطة أواستراتيجيه التصدي للبطالة بالمغرب تظل ذات طابع سياسي محض، أي أن المغرب أراد انطلاقا من إجراءات سياسية محضة التصدي لمعضلة ذات طابع اقتصادي واجتماعي.
أكد جميع المتدخلين أن حركة المعطلين تعيش مرحلة تراجع، بسبب الانقسام والشتات، مما يستدعي إعادة النظر في مجموعة من الأمور خاصة الجانب التنظيمي، وهي مهمة كل المناضلين في المرحلة من أجل إعادة ترتيب أوراق البيت الداخلي وتوحيد صفوف هذه الحركة، مع إبداع أشكال نضالية قوية ونوعية.
إن المقصودة بإعادة النظر في النظام العام الأساسي للوظيفية العمومية، ليس إيجاد حلول واقعية لمعضلة البطالة، وإنما مصادرة حقوق مكتسبة لحاملي الشهادات العليا، وهوما يعتبر قرارا سياسيا يهدف إلى الحد من احتجاجات هذه الفئة في الرباط وليس إجراء وقائيا ديمقراطيا تتوخى منه المساواة بين المواطنين كما يتم الترويج له علما أن الحكومات في المغرب تتجه سنة بعد سنة إلى تقليص مناصب الشغل المحدثة، والقطاع الخاص لا يحتاج إلى كل هذه الكوادر وإنما إلى أياد عاملة ذات طابع تقني محض.
الأكيد أن هذه الإجراءات لا تلقى القبول من طرف الشباب الأكثر وعيا وتنظيما من المعطلين الشباب، أصحاب الشواهد العليا الذين يواصلون النضال من أجل الوظيفة العمومية، إذا علمنا أن نسبة 57 في المئة من الأجراء المصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي تتراوح أجورهم بين 1300 و3000 درهم في الشهر، وأن 99 في المئة من الأجراء المصرح بهم لدى نفس الصندوق لا تتجاوز أجورهم 5000 درهم في الشهر(انظر جريدة l’économiste عدد 3782 ليوم 14ماي 2012 ص:5). ندرك لماذا يرفض المعطلون حاملي الشهادات العليا الاشتغال في القطاع الخاص، لهذا يبقى سعي الشباب المعطل للحصول على عمل بأجور أحسن وشروط عمل أفضل خلال خوض النضالات مشروعا.ساهم في إعداد التقرير كل من يوسف فليفلو كاتب عام مجموعة الإدماج للأطر ومحمد المنصوري عضو المكتب التنفيدي للمجموعة.